علموهم الصيد يا هيئة الزكاة
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -

لا يجب أن تقف هيئة الزكاة عند خطوة التصحيح المتمثلة بتوجيه أموال الزكاة إلى مستحقيها، فهذا يؤدي إلى الاتكالية لدى الأغلبية، ويجعل المنتفعين من الزكاة بشكل شهري في حالة جمود وركود، وذلك هو الهدف المنشود لدى المنظمات الدولية المعنية بالمساعدات الغذائية والمالية، بحيث تخلق فئة كبيرة من المجتمع تعتمد على هذه المساعدات بشكل شبه كلي، وبالعودة إلى هيئة الزكاة فلا شك أنها من أنجح الجهات الحكومية، وقد قامت بأعمال جبارة لم نشهدها من قبل، إلا أن ما تخصصه الهيئة للمحتاجين يمكن استثماره وتصويبه بما يضمن لهذه الأسر مصدر دخل دائم بإذن الله وفضله، وذلك من خلال دراسة حالة الأسر وتحديد نوعية المشاريع الصغرى والأصغر التي يمكن أن تدر عليهم دخلاً يومياً يغنيهم عن السؤال وانتظار المعونة، وهذا ما تفعله بعض المصارف الخاصة، لكنها تثقل كاهل المواطن بأرباح خيالية تجعله في حالة خوف دائم من عدم القدرة على تسديد الأقساط، كما أن ذلك يدخل في إطار الربا والاستغلال الذي يفقد المشروع بركته.
فإذا قامت هيئة الزكاة بهذا الدور وهذا العمل العملاق سيكون المردود عظيماً جداً، وسيشكل نقلة نوعية للأسر المحتاجة في مسار تطوير وتحسين مصادر الدخل، وبالإمكان إعداد برنامج يتم تنفيذه على مراحل بحسب القدرة المالية للهيئة، وبالتأكيد سيكون هناك مساهمات مجتمعية حتى نصل إلى الهدف المطلوب تحقيقه، فبهذا الشكل فقط يمكننا القضاء على الفقر بشكل نهائي، لاسيما في ظل عدم تغطية كل الاحتياجات الضرورية من المعونة، فيأخذ المحتاج المعونة ويبقى في حالة عوز دائم لبقية المتطلبات باستثناء من يغطي الفارق من خلال العمل (أكثروا من المهن تنجوا من الفقر)، والجميع بدون استثناء يفضل الحصول على عمل يدر مصدر دخل دائم عن استلام معونة لا تفي بالغرض حتى ولو كانت شهرية.
الحلول الدائمة هي المطلوبة، فمن يسعدني اليوم قد يتركني غدا.
دعونا نجعل كل المساكين والمحتاجين يصلون إلى مرحلة الاكتفاء على الأقل في الاحتياجات الأساسية، بدلاً من أن يستمروا في حساب أيام الشهر بانتظار الصدقات والمعونات.
دعونا نجعلهم يعملون ليحصلوا على رزقهم. دعونا ننقذ أطفالهم من التشرد ونعدهم إلى مدارسهم ليتعلموا ويصبحوا فاعلين وعناصر إيجابية في مجتمع أنهكه العدوان والحصار وسياسة التجويع والحرب الاقتصادية، بدلاّ من بقائهم في الشوارع بحثا عن الفتات، ولا نصحو إلا وقد ضاع جيل كامل بسبب قلة التخطيط وعدم الاستجابة مع المتغيرات وإهمال الحلول والمعالجات.
علموهم الصيد بدلاً من أن تعطوهم سمكة.

أترك تعليقاً

التعليقات