خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -

يهتم الكيان الصهيوني بالبحوث والدراسات، ولا يتخذ الصهاينة أي قرار غير مدروس، فمشاركتهم في العدوان على اليمن جاءت من منطلق قلقهم من سيطرة سلطة معادية للكيان الصهيوني على مضيق باب المندب، فالكيان محاط برا بدول يعمل على إضعافها وتفتيتها وإغراقها في صراعات داخلية، ويقوم بالتطبيع مع بعض الدول المجاورة.
ميناء "إيلات" هو المنفذ البحري الوحيد للكيان عبر البحر الأحمر، الذي يمر منه أسطولهم التجاري عبر مضيق باب المندب بشكل مستمر.
باب المندب شوكة في حلق الكيان، فالسيطرة عليه من قبل أي سلطة غير مطبعة أو غير موالية لهم (سرا أو علنا) تعني إمكانية استخدامه ضدهم، كما حدث في حرب 1973 عندما أغلق اليمن باب المندب أمام بوارج الكيان الصهيوني الحربية (لاحظوا موقف اليمن مع مصر القومية والعرب آنذاك وموقفهم معنا اليوم)، وبالتالي فإن المضيق يعتبر ممراً لتجارة الكيان الصهيوني ولبوارجه الحربية، أي مصلحة اقتصادية وعسكرية.
عمل الكيان الصهيوني على عدم تكرار هذا مرة أخرى من خلال عدة خطوات، ولعل أهمها:
1 ـ تدويل مضيق باب المندب وفق اتفاقية أعالي البحار، وتنصيب سلطة حاكمة في اليمن موالية للتحالف الغربي الأمريكي وللكيان الصهيوني.
2 ـ التطبيع وتعزيز العلاقات مع دول القرن الأفريقي، وبالأخص إريتريا والصومال وإثيوبيا وجيبوتي التي أنشأ فيها الكيان الصهيوني عدة مشاريع تجارية ومدها بالمساعدات وأقام فيها قواعد عسكرية مكنته من السيطرة على جزء من باب المندب وخط الملاحة، وهو الجزء الواقع على السواحل الأفريقية، وكان هذا أحد أهم أسباب اهتمام كيان العدو بالقرن الأفريقي.
3 ـ بعد حرب 73، لم يعد الكيان الصهيوني يخشى استخدام قناة السويس ضده، وبهذا امتلك أحد مفاتيح البحر الأحمر من خلال تبعية حكام مصر.
4 ـ انتزاع جزيرتي تيران وصنافير المصريتين وضمهما إلى الملكية السعودية والتي تشكل المنفذ البديل.
إلا أن مضيق باب المندب لا يزال يشكل قلقاً للكيان الصهيوني، فهو المنفذ الأهم بالنسبة له. كما أن السيطرة عليه لا تعني تأميناً بحرياً فقط، بل والتحكم بملاحة دول آسيا وأوروبا، كونه نقطة الوصل بين الشرق والغرب وممر جزء كبير من التجارة العالمية.
وبالنسبة لما قدمه الكيان الصهيوني لأفريقيا لم يوفر له إلا جزءاً من المضيق، ويبقى الجزء الأهم هو الواقع على السواحل اليمنية، لاسيما وأن السفن التجارية تمر منه، نظراً لعمق المياه فيه وخلوه من الصخور والجبال. يسمع الكثير منا عن مخطط صهيوني لإقامة قاعدة عسكرية في تعز، لكن الأغلب يجهل السبب وراء اختيار المكان، فباب المندب وخط الملاحة الدولي هو السبب الأساسي.
من يسيطر على جزيرة ميون اليمنية الواقعة وسط باب المندب ما بين السواحل الأفريقية واليمنية يسيطر على جزء كبير من المضيق، فالساحل اليمني المطل على المضيق هو الأقرب للسفن المارة، وبالتالي يسهل استهدافها أو احتجازها. إضافة إلى كل ما سبق فإن لدى الصهاينة أسباباً تاريخية ودينية ونبوءات بشأن اليمن لم أتطرق إليها هنا، واكتفيت بسرد الأسباب السياسية والاقتصادية.
ملاحظة: رغم الأهمية الاستراتيجية لباب المندب إلا أنه ثروة مهدورة لا يستفاد منها ولا يحقق أي إيرادات لليمن، مع أن هذا ممكن في حال تم إنشاء ميناء "سيرفس" يقدم الخدمات للسفن المارة، وهو ما تم عرقلته بشكل متعمد منذ عقود، ليبقى منطقة مهملة ولم يلتفت إليها أحد، واستخدمه النظام السابق في تجارة الخمور والأسلحة والمخدرات.

أترك تعليقاً

التعليقات