من تحت الصفر إلى اللاعودة
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
أجزم بأن تحالف العدوان ومرتزقته وأحذيته يعيشون في جحيم، بسبب العروض العسكرية، وبالذات بعد رؤية القوة البحرية والصاروخية والجوية، وكل القوة التي بإمكانها تدمير البوارج العسكرية وإغراقها، وكذا التي بإمكانها الوصول إلى ميناء أم الرشراش المحتل صهيونياً، وإلى أي نقطة في البحرين الأحمر والعربي، وأخرى بإمكانها تدمير أي منشأة حيوية في السعودية أو الإمارات، بعد أن كان امتلاك أي أسلحة بهذه القدرة محظورا على اليمن الموحد.
وهذا جعلهم يتساءلون: كيف حدثت هذه المعجزة؟!
فتحالف الشر والظلام العالمي باغت اليمن بعدوان مفاجئ، وإن سبق ذلك ترتيبات كثيرة، منها ما أنجزه الدنبوع، مثل هيكلة الجيش بشكل يجعله مشتتاً، ومنها ما أنجزه عفاش وزبانيته، مثل تدمير منظومة الدفاع الجوي والرادارات وصواريخ سام وشن الحروب الست على أحرار صعدة واغتيال أبرز المفكرين الأحرار، أضف إلى ذلك عقود من الغزو الفكري وما أنتجه من ثقافة مغلوطة لدى الشعب والجيش، وتاريخ مزور، وما ترتب على ذلك من ضياع وضعف وهوان وانصياع وخضوع.
لذلك صرح بنو سعود بكل ثقة بأن إعادة اليمن إلى الحضن «العبري» لن يستغرق أكثر من عشرة أيام إلى أسبوعين بالكثير، لأنهم يعلمون جيدا ما الذي فعلوه باليمن خلال عقود التبعية والوصاية.
كما أنهم يعلمون أننا كنا قد وصلنا إلى مرحلة الغرق والعجز ماليا، وما زلنا نتذكر بكاء باسندوة وهو يقول: لم نعد نملك مرتبات الأشهر القادمة، رغم أننا في حالة استقرار ومواردنا من مبيعات النفط والغاز المحلي والمُصدر كلها تورد إلى خزينة البنك المركزي والتي تشكل 85% من إيرادات اليمن.
كانت كل المؤشرات تقول بأن الشعب اليمني سيركع خلال أيام من شن أعتى عدوان كوني شهدته البشرية على مر العصور.
لم يتوقع الصمود أحد، وكان أغلب المحللين والساسة يتحدثون عن قرب مشاهدة القوات السعودية والإماراتية تتجول داخل أمانة العاصمة وجميع المحافظات اليمنية، فالكل يعلم ما هي الإعدادات التي سبقت العدوان، ويعلم أيضاً حجم التكتل المادي والعسكري والدعم اللوجستي والسياسي، وكذا حجم الصمت والتواطؤ والخذلان العالمي تجاه كل ما ارتكبه تحالف العدوان من جرائم ومجازر وانتهاكات جسيمة.
إضافة إلى كل ذلك تعذر على دول محور المقاومة مد يد العون إلينا؛ لأسباب البعد الجغرافي والحصار المطبق المدروس مسبقاً بعناية فائقة، وكذا تكالب الجميع على أحرار اليمن، بمن فيهم خصوم أمريكا أنفسهم، وذلك لم يسبق أن حدث من قبل.
كما أن وضعنا العسكري والاجتماعي والثقافي والمادي كان تحت الصفر، وكان علينا إزالة تراكمات الماضي أولاً بكل ما فيها من فشل وتدمير وتزييف وإحباط ثم نبدأ من الصفر.
وأكثر شيء ضرنا هو أن كثيراً من نخب اليمن من مثقفين وساسة وقادة ومسؤولين ومشايخ أيدوا العدوان وخدموه، كل ذلك إلى جانب التعتيم وتكميم الأفواه وشراء الذمم، وهناك ما لا يمكن حصره، وبالإجمالي نستطيع أن نقول بأن ما تعرض له اليمن أرضاً وشعباً بكل المقاييس لم يتعرض له أحد من قبل، لذلك كانت التوقعات بالمنطق والعقل هي أننا لن نصمد لأيام.
كان تحالف الشر والظلام العالمي يريد أن يجعل ممن طالبوا بالحرية والاستقلال عبرة لكل من يفكر بتكرار التجربة...
لكن القوي القهار عز وجل له حسابات أخرى، في ظل وجود قائد رباني نوراني، ومسيرة قرآنية جامعة للأمة من منطلق إنساني بحت، وشعب مظلوم أنهكته التبعية والأطماع بالثروات والموقع، ووطن كل نعمه تحولت إلى نقم بسبب سلطة وحكومة الخونة بشقيها الإخواني والعفاشي، فكان التأييد الإلهي حاضرا بعد أن عملنا بالأسباب وأعددنا للعدو ما استطعنا من قوة.
وها نحن اليوم بفضل الله ثم بإيمان وحكمة وحنكة السيد القائد (سلام الله عليه) وبإخلاص وثبات المؤمنين نستعرض قواتنا العسكرية المذهلة بكل فخر واعتزاز، بعد أن كنا أمة عاجزة، وما حدث كان عظيما بكل المقاييس والمعايير.
ومن هذا المنطلق نستطيع أن نقول بأن اليمن سيكون بإذن الله النموذج العربي الأول للتحرر والاستقلال، وسيحذو حذونا كل مستضعفي الأرض.
بوركت ثورة الواحد والعشرين من أيلول/ سبتمبر، وحفظ الله قائدنا العلم، وبوركت مسيرة الأحرار.

أترك تعليقاً

التعليقات