خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
الاستنزاف المالي والبشري الذي تعرضت له السعودية بشكل خاص وتحالف الشر بشكل عام يجعلهم بحاجة إلى عقود للتعافي، وهذا معناه أن العدوان الكوني على اليمن لم يعد قادرا على الاستمرار، لاسيما في ظل انقلاب الموازين لصالح أحرار اليمن في عدة مجالات، وأهمها الجانب العسكري، وذلك يشمل التصنيع الحربي والمعارك البرية.
ففي حين عجزت أحدث منظومات الدفاع الجوي عن التصدي للصواريخ اليمنية المحدثة والمطورة أعلنت قواتنا عن صواريخ جديدة دخلت حيز الخدمة لم يتم الكشف عنها بعد. وفي حين باتت طائراتنا المسيرة سلاح ردع يقض مضاجع بني سعود، كشفت قواتنا عن طائرات مسيرة أحدث وأكثر تطورا، حيث يصل مدى إحداها إلى 2500 كيلومتر وأخرى تحمل 50 كيلوجراماً من المتفجرات. وفي حين تمكنت قواتنا البحرية من تدمير سبع بوارج حربية طوال فترة العدوان، أصبحنا نمتلك أسلحة بحرية قادرة على إغلاق مضيق باب المندب بشكل كامل خلال ساعات فور اتخاذ قائد الثورة قرار تنفيذ هذا الخيار الاستراتيجي.
وفي حين عجزت الـ"أباتشي" عن الظهور مجددا في سماء اليمن، وسقطت في أرضنا أحدث طائرات العدو كالتورنيدو وغيرها، ها هي قواتنا تثبت مجدداً أنها قادرة على المواكبة في مجال الدفاع الجوي بعد أن تمكنا مؤخراً من تحييد الـ(إف 15) والـ(إف 16) بنسبة كبيرة جداً، مما اضطر العدو إلى استخدام قاذفات الـ(بي 52) والتي تعتبر قمة التفوق التكنولوجي الجوي الأمريكي، بمعنى أننا تمكنا بفضل الله من مقاومة العدوان الكوني بإمكانيات أقل بكثير مما نمتلكها اليوم، وهذا يعني أن التوازن تحول إلى تفوق لصالح اليمن.
أما بشأن المعارك البرية فقوات العدو في حالة تقهقر وتراجع، وتمكن جيشنا ولجاننا الشعبية من تطهير مناطق شاسعة في عدة محاور وأهمها محور البيضاء ومأرب والجوف، يليه تعز والضالع، وفي معارك ما وراء الحدود خسر العدو عدة نقاط. وخلال المعارك البرية في كل الجبهات سقط آلاف المرتزقة ما بين قتيل وجريح وأسير، كما خسر العدو عشرات المدافع والدبابات والآليات والمجنزرات.
ووصلت دول العدوان إلى قناعة كاملة بأن استمرارها في الاعتداء على اليمن سيفقدها ما تبقى من قوات تحالفها، وأن الانسحاب بات يشكل مصلحة لها، لذلك عدونا اليوم يرى في السلام طوق نجاة، ورغم أنه يحاول ألا يظهر ذلك إلا أن انهزامه يتجلى يوما بعد يوم، واستمرار عدوانه يعتبر مجازفة حمقاء وإضاعة للوقت، لكنه يبدو اليوم مضطرا للمجازفة بالتوازي مع محاولة استخدامه واستثماره للملفات والقضايا الإنسانية والمعاناة الشعبية التي كان هو المتسبب الأول بها علها تمكنه من الحصول على مكاسب سياسية، وقد حسم قائد الثورة هذه الجزئية بقوله: "أن نقبل بمقايضة في القضايا الإنسانية فهذا عين المستحيل"، وأردف قائلاً: "إن القبول بهذا يعتبر خيانة عظمى للشعب"، وهذا ما طرحه رئيس الوفد الوطني المفاوض في مفاوضات مسقط، وأوضح لأرباب العدوان أن لدينا ما يمكننا من حل القضايا الإنسانية، بمعنى أننا الآن نملك بفضل الله عز وجل القوة التي تجبر العدو على الإفراج عن سفن الوقود وفتح مطار صنعاء وغيرها من الاستحقاقات المشروعة التي يجرم القانون الدولي استخدامها كوسائل ضغط للحصول على مكاسب ميدانية أو سياسية باعتبارها حقوقاً مكفولة بكل قوانين العالم، والمساس بها يعتبر جرما وانتهاكا خطيرا، ولا مناص من تحمل الجاني للمسؤولية القانونية حيالها، بل وتحمله لكل تبعات انتهاكاته، فمثلا بعد الإفراج عن سفن الوقود والسماح بتفريغها لم ولن ينتهي الأمر عند هذا الحد، فهناك أولاً غرامات تأخير مترتبة على الاحتجاز التعسفي، وهي غرامات تدفع للشركات الناقلة، وثانيا أضرار كارثية في عدة جوانب أهمها الصحة والزراعة والاتصالات والكهرباء والصناعة وغيرها من القطاعات الحكومية بالإضافة إلى الأضرار في الجانب المدني، وجميعها أضرار ناتجة عن شحة وانعدام الوقود لفترات طويلة، والقانون يعاقب الجاني ويحمله المسؤولية الكاملة من الناحية الجنائية والمادية، لأنه انتهاك تعسفي لا مبرر قانوني له، لاسيما وأن الاحتجاز تم بعد تفتيش السفن وحصولها على التصاريح اللازمة.
وكمثال آخر استمرار إغلاق مطار صنعاء بدون حجة ومبرر قانوني يعتبر انتهاكا كبيرا وخطيرا لحقوق وحرية التنقل، ومآلاته كانت كارثية على المستوى البشري والمادي. أيضا استمرار قطع مرتبات الموظفين منذ أكثر من ثلاثة أعوام وما تسبب به العدوان في هذا الإطار من أضرار وخيمة لشريحة واسعة من المواطنين، وهي أضرار لا تقتصر على الجانب المادي فقط وإنما تشمل النفسي والمعنوي أيضاً، حيث أن أحد أكبر الانتهاكات التي ارتكبها العدوان هي محاربة اليمنيين في لقمة عيشهم بعدة وسائل أهمها نقل البنك المركزي والحرب الضروس التي شنها على عملتنا المحلية بطباعة كميات خيالية من العملة الجديدة الرديئة وبما يفوق الاحتياج النقدي الفعلي للتداول بعشرات المرات بالتوازي مع سحب العملة المحلية القديمة، وأيضا من خلال تنفيذ برنامج متكامل ضمن سياسة تجفيف الموارد المالية (كاستهداف مقدرات وزارة الاتصالات ومباني المراكز الجمركية وتجميد ميناء الحديدة... إلخ)، بالإضافة إلى جرائم استخدام العدوان للجماعات الإرهابية في المعارك والجبهات، وأيضاً استخدامه للجماعات التخريبية بين أوساط المجتمع لزعزعة الأمن ونشر الفوضى والتفسخ.
وكل ما سبق مثبت بالأدلة القاطعة. ومن المعروف والمقر شرعا وقانونا وإنسانيا أن كل ممارسات العدوان الرامية إلى تجويع وإفقار وتشريد الشعب اليمني بغية إركاعه تعتبر جرائم بحق الإنسانية، ولا يمكن بأي شكل أن يتنصل منها مهما بدا حريصا على إحلال السلام ومهما تقمص دور الوسيط.
وعموما بات تحالف الشر يعرف جيدا أنه يمر بحالة من الهبوط والتراجع والسقوط على شتى الأصعدة، يقابلها حالة من الصعود والتقدم اليمني. كما يعرف أيضاً أنه مدان قانونا بجرائم حرب وانتهاكات إنسانية لا تسقط بالتقادم، واستمرار التعسفات والانتهاكات يضخم ملفات الإدانة ويضاعف الغرامات والخسائر والعقوبات، ولهذا اشترطت أمريكا مؤخرا أن يكون دعمها لمحكمة الجنايات الدولية مقابل إخراجها هي والكيان الصهيوني من قائمة الدول التي يحق للمحكمة مساءلتها ومحاكمتها، ولو كانت أمريكا لا تعتقد أنها متورطة بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات إنسانية لما اشترطت ذلك ولما حاولت الحصول على حصانة مقابل المال.
وبعد أن كان أهم أهداف العدوان هو احتلال اليمن واستمرار نهب ثرواته والسيطرة على أهم مواقعه المطلة على البحرين الأحمر والعربي للتحكم في خط الملاحة الدولي والتجارة العالمية، بات اليوم يبحث عن مخرج وأصبحت أهدافه الأخيرة، أو بالأصح أحلامه، هي:
خروج مشرف بحيث لا يبدو أن عدوانهم الكوني توقف بسبب هزيمة تحالفهم العالمي.
محاولة بائسة للتنصل من المسؤولية القانونية عن كل جرائم ومجازر وانتهاكات العدوان.
محاولة الهروب من تحمل تبعات ومآلات نتائج العدوان الكارثية وما يترتب عليها من تعويضات وإعادة إعمار وخسائر وغرامات (التبعات المالية).
لكنها أضغاث أحلام، ونحن على ثقة بالله تعالى ثم بقيادتنا الحكيمة والمخلصة وجيشنا المغوار وقواتنا العسكرية ولجاننا الشعبية المقبلة على خوض معركة "الوجع الأكبر" والتي بعون الله سستفشل كل مخططات العدو وتسقط أهدافه الأخيرة وتصنع لليمن نصرا مبينا ضد أبشع عدوان كوني في تاريخ البشرية.
نصر اليمن هو نصر للبشرية والإنسانية. وانكسار تحالف الشر يجعل العالم في مأمن من كل قوى الظلام، فاستئصال الشر العالمي هي المهمة التي أوكلها الله عز وجل لـ"أولو القوة والبأس الشديد".

أترك تعليقاً

التعليقات