خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
قراءتي الخاصة لهذا القرار هو أنه الخطوة الأولى في إطار وقف العدوان ورفع الحصار.
فالقرار من حيث المضمون لم يأت بجديد، فمنذ متى كان من المسموح دخول الأسلحة إلى جماعة الأنصار حتى نقول بأن القرار يندرج في إطار العقوبات الجديدة؟!
أما عما يتحدث به البعض حول تصنيف جماعة الأنصار «جماعة إرهابية» فلا يقول ذلك إلا غبي، لأنه ببساطة لم يتم التصنيف، وخطوات التصنيف معروفة، وكل ما في الأمر هو أن القرار وصف في طياته الأنصار بـ»جماعة الحوثيين الإرهابية» وهذا لا يعتبر تصنيفاً، بل وصف، وهو حسب وجهة نظري ليس أكثر من لفظ تم استخدامه لإرضاء دول العدوان، وبإمكانكم أن تلاحظوا أنهم في السياق ذاته دعوا إلى حوار لكل الأطراف، وهم حتى لم يعترفوا بما تسمى «الشرعية» كأساس لهذا الصراع.
أما عن الجانب الذي أراه إيجابياً في هذا القرار هو أنه حدد بالضبط ما هي السلع التي يمنع دخولها، وهي «الأسلحة»، وهذا معناه أن احتجاز سفن الوقود أو الغذاء أو الدواء أو أي سلعة أخرى يعتبر إجراء مخالفاً للقرار، وبالتالي وجب فتح ميناء الحديدة وانتقال فريق التفتيش الأممي إلى الميناء بدلاً من جيبوتي، وذلك لضمان عدم احتجاز أي سفن لا تحمل أسلحة، وأيضاً فتح مطار صنعاء مع تحديد آلية تضمن عدم دخول أسلحة عبر الرحلات الجوية.
وبالتمعن في هذا الأمر نجد أنه يعتبر تنفيذاً لشروط الأنصار التي وضعوها مقابل إعلان وقف إطلاق النار والمضي إلى مفاوضات، حيث اشترط الأنصار فتح الميناء والمطار.
وهذا ما يفسر توقف استهداف الإمارات. وهذا التوقف لا يمكن أن يحدث إلا في حال وجود مفاوضات سرية. وبالتأكيد كرر الأنصار شرطهم لإعلان وقف إطلاق النار، وهو فتح الميناء والمطار، وهذا لم يكن ليتم بدون وجود قرار أممي.
وبالرغم من أن القرار لم يذكر فتح المطار والميناء إلا أنه يحدد بوضوح نوعية الحظر المفروض، وهذا يعني أن ما دون ذلك يعتبر مخالفاً للقرار، وبالتالي النتيجة البديهية هي فتح المطار والميناء.
لاحظوا معي الدول التي رفضت القرار، هل فعلت ذلك تحالفاً ودعماً للأنصار؟!
بالتأكيد هي لم ترفض لهذا السبب، وإنما لأن السعودية توقفت عن شراء الأسلحة منها، نظراً للأزمة المالية الشديدة التي تمر بها السعودية مما جعلها تحصر صفقات شراء أسلحة محددة (منظومات دفاع جوي وصواريخ وقنابل تدميرية) من دول معينة (أمريكا وبريطانيا)، واستغنت عن شراء بقية أنواع الأسلحة من هذه الدول، مثل المفلس الذي يتخلى مجبراً عن شراء الكماليات ويكتفي بالأساسيات (راجعوا آخر تاريخ لصفقات شراء السعودية أسلحة من الدول التي رفضت القرار).
أيضاً، لاحظوا أن القرار تضمن تمديد فترة فريق الخبراء، وهذا لصالحنا أيضاً، وتحالف العدوان هو الطرف الذي يرفض التمديد ويسعى دائماً لعدم حدوثه، لأن 90% مما يرد في تقارير فريق الخبراء هو ضد دول العدوان والـ10% المتبقية تدين الأنصار، لكنها افتراءات يمكن دحضها بسهولة وهي ناتجة عن عدم تمكن الفريق من الحصول على المعلومات المؤكدة.
لاحظوا أيضاً تصويت روسيا والصين لصالح القرار في ظل احتدام أزمة أوكرانيا وتداعياتها.
هناك كثير من المؤشرات تدل على أن القرار هو الخطوة الأولى لإيقاف العدوان على اليمن وبشكل يوحي بأن هذا العدوان توقف نتيجة مفاوضات وليس بسبب هزيمة وانكسار، أي أنه خروج بماء الوجه، وهذا ما طلبته السعودية من أمريكا مؤخراً.
الخطوة القادمة هي التي ستحدد الهدف من هذا القرار، فإن كانت خطوات تصعيدية فالقرار تمهيد لعقوبات وتصعيد، مع أن التصعيد لا يحتاج إلى تمهيد، بل على العكس، لأن التصعيد يتم بشكل مباغت ومفاجئ، ولو كان القرار تصعيدياً لتضمن ذلك، فلن يتم إصدار قرارات لمجلس الأمن في فترات متقاربة، أي أنه لو كان قراراً تصعيدياً لتضمن خطوات التصعيد. وإن تبع هذا القرار خطوات تهدئة وحل للقضايا الإنسانية، فهذا القرار يعتبر تمهيداً فورياً وسريعاً وعاجلاً لإعلان وقف إطلاق النار والذهاب إلى مفاوضات.
تلك قراءتي الخاصة، وأعرف أنها غير متطابقة ولا حتى متشابهة مع كثير من القراءات، لكنني بررت تفسيري، مع العلم أيضاً أن تحالف العدوان نفذ كل مراحل التصعيد ووصل إلى قناعة كاملة بأن ما وصل إليه في اليمن هو أقصى ما يمكنه الوصول إليه مهما حشد ومهما كلف الأمر، بل إنه بدأ يدخل مرحلة الخسران، وهي المرحلة التي يخسر فيها جراء عدوانه على اليمن أكثر بكثير مما يجنيه في حال استمر، وهذا يعني أن الانسحاب هو القرار الصحيح وفق كل قياسات المنطق والعقل وليس التصعيد، وهناك حدثان مهمان وضروريان تسببا في قلب المعادلة تماماً وتغيير الموازين، لكن هذا لم يأخذ حقه الكامل إعلامياً وتم التكتيم عليه، وهما:
أولاً: استهداف قاعدة الظفرة، وبإمكان المتابعين والمهتمين بما يحدث في اليمن ممن لهم باع في التحليل الاطلاع على تفاصيل قاعدة الظفرة والاطلاع على نتائج استهداف القوات اليمنية لها، وبهذا سيعلم أن اليمانين ضربوا هدفاً في غاية الأهمية، وأصابوا الهدف بدقة عالية، وبغض النظر عن حجم الضرر إلا أن مجرد إصابة الهدف يعني الكثير والكثير ويعني إمكانية تكراره، فحالة الذعر التي أصيب بها الضباط والجنود الأمريكيون كانت كبيرة جداً، ومنظر هرولتهم إلى الملاجئ كان مخزياً، وقد تحدثت عن ذلك أكثر من وسيلة إعلامية. وبالنظر إلى ردة الفعل نجد أن أمريكا هددت وتوعدت، لكن ما الرد المقابل من الأنصار؟! هل خافوا من البقبقة الأمريكية وتهديداتها؟!
لم يأبه الأنصار لتهديد ووعيد أمريكا، وإنما هددوا وتوعدوا بمزيد من الضربات، ووصفوا القادم بالمفجع، وأن الضربات القادمة ستكون تدميرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأن كل ما سبق لم يكن أكثر من رسائل تحذيرية، وأمريكا تعلم جيداً أن هؤلاء القوم هم رجال قول وفعل وليسوا ممن يبالغ أو يقول ما لا يفعل، وبما أنهم هددوا فقد تمكنوا من الحصول على القوة التي تمكنهم من تنفيذ تهديداتهم، وبهذا يكونون قد كسروا شوكة أمريكا في المنطقة بشكل مخزٍ، وهذا ما ترجو أمريكا ألا يحدث مهما قدمت من تنازلات بشكل غير ظاهر.
أما الشيء الثاني فهو تصريح قيادات الأنصار بأن التصعيد العدواني الأخير هو تصعيد أمريكي- صهيوني. وهذا الكلام له معنى ومدلول خطير ومهم جداً، حيث سبق استهداف القاعدة الأمريكية في الظفرة بضربة تحذيرية، وتبقى استهداف الكيان الصهيوني، ولا يخفاكم أنه قبل فترة أطربنا السيد قائد الثورة بإمكانية ضرب أهداف حساسة جداً في عمق الكيان الصهيوني، وهذا الرجل يعلم العالم كله صدق ما يقوله. كما أننا شاهدنا في معرض التصنيع الحربي طائرات مسيرة بإمكانها قطع مسافة 2500 كيلومتر وحمل 50 كيلوجراماً من المتفجرات.
وهنا وجب على تحالف الشر والظلام العالمي الاستدارة من طريق التصعيد إلى طريق الحل والسلام تحت قاعدة «مرغم أخوك لا بطل»، لاسيما بعد أن تعرض لأكبر عملية استنزاف مالي وبشري خلال سبعة أعوام في مقبرة الغزاة، بفضل الله عز وجل، ثم بفضل إخلاص وحنكة وحكمة قائد الثورة (سلام الله عليه) وجميع المخلصين جيشاً وقيادة وإدارة، وبفضل صمود وثبات الشعب اليمني بشكل منقطع النظير ولم يسبق له مثيل.

أترك تعليقاً

التعليقات