إيران.. جمهورية الكبرياء الإسلامية
- خالد العراسي الأربعاء , 25 يـونـيـو , 2025 الساعة 1:09:07 AM
- 0 تعليقات
خالد العراسي / لا ميديا -
خاضت إيران حرباً ضد الكيان الصهيوني وداعميه، وجرعت الكيان خسائر فادحة، كما أفقدته عوامل الاستمرار والبقاء، وذلك من خلال فقدان الأمن والأمان والاستقرار من جهة، والرخاء المالي والاقتصاد القوي من ناحية أخرى، وشهد الكيان موجات كبرى من الهجرة العكسية. وهذا التأثير الكبير والخسائر الفادحة لم يسبق أن حدث من قبل. ورغم وقوف إيران منفردة في هذه المعركة المقدسة نلاحظ أن هناك من يعتبون عليها إيقاف الحرب، وكأن الله كلّف إيران وحدها لا سواها بإخراج أمريكا من المنطقة وإزالة الكيان، في ظل تواطؤ وتخاذل دولي وإقليمي، واختراق داخلي عميق.
صحيح أن إيران خسرت منشآت ومباني وجزءاً لا يذكر من بنيتها التحتية، كما خسرت قادة وعلماء؛ لكن الحقيقة الجلية هي أن كل هذا يتعوض، فبالنسبة للمباني والبنى التحتية والمنشآت سيعاد بناؤها خلال أيام. وبالنسبة للعلماء فقد قاموا بواجبهم على مدى عقود والتضحية ضرورية، وفي إيران ما يقارب ثلاثين ألف عالم نووي. وبالنسبة لليورانيوم المخصب فقد تم نقله إلى أماكن سرية قبل استهداف المنشآت النووية، والنقل لم يقتصر على اليورانيوم، بل تم نقل جميع أجهزة الطرد المركزي، وهي الأهم في المحطات والمنشآت النووية، كما تم التحفظ على العلماء وتوقيف العمل في المنشآت التي لم يتبقَّ منها غير الهياكل.
إن قوة إيران النووية الحقيقية تكمن في العقول، لا في المنشآت والأجهزة، ومن بنى قادر على إعادة البناء، وكما سبق إعلانه والتأكيد عليه أكثر من مرة أن الضربات الأمريكية أضرارها سطحية وغير بالغة التأثير، ولاتزال قوة إيران النووية بكامل عافيتها، ولهذا أعاد الأمريكي والأوروبيون دعوة إيران إلى المفاوضات، ولو كانوا دمروا المفاعلات لما كان هناك حاجة للمفاوضات.
في الأخير، هذه حرب، فيها مكاسب وخسائر، وهذا طبيعي جداً، بل إن كفة إيران هي الأرجح رغم أنها أمام تكتل كامل.
استفادت إيران من هذه الحرب جداً، وأهم الفوائد هي معرفة الاختلالات الداخلية، وبالتالي ترميمها، بمعنى تحديد كل نقاط الضعف أو القصور، سواء من ناحية القوة العسكرية أو الوضع والأمن الداخلي، والكشف عن أكبر المخاطر المتمثلة في الخلايا التجسسية والتخريبية الخادمة للعدو، خلايا معدة ومجهزة ومدربة وممولة منذ عقود، خلايا سرطانية نائمة كانت وحدها كفيلة وبدون أي سلاح وضربات خارجية بإسقاط أعتى وأمتن وأقوى الأنظمة.
عرفوا ماذا ينقصهم وما الذي يجب عليهم فعله، حتى في إطار مطالب المعارضة، التي كان موقفها مشرفاً في العدوان الصهيوني -الأمريكي، وهذا يحسب لها ويجعل النظام يتعامل معها كمعارضة تهدف إلى بناء وطن وليست تآمرية وهدامة.
معركة كشفت عن السوء وشخصت الواقع وقيمته عن تجربة فعلية، بعيداً عن التنظير الذي غالباً ما يعتريه القصور وعدم الدقة والشمولية.
لقد كانت المعركة بمثابة فحص شامل، وبناء على نتائجه التشخيصية الصحيحة والدقيقة ستتم المعالجة، وستدخل إيران مرحلة الاستطباب، وهكذا تفعل، وهذا هو ديدنها باستمرار في اكتساب الخبرات والتعلم والاستفادة من التجارب واستثمار الحدث لمزيد من القوة، إلى أن بلغت -بعون الله عز وجل وبفضله- مرحلة مواجهة كل قوى الشر والظلام قاطبة منفردة، وإجبار رأس الشر الأمريكي -الصهيوني على طلب اتفاق لوقف إطلاق النار والتوسط والتوسل لإيقاف حرب لم يعد الكيان الأوهن قادراً على تحملها، وما كان سيصمد أمامها لساعات لولا الدعم اللامحدود من واشنطن، والتخاذل أيضاً اللامحدود من حلفائها والدول الإسلامية.
كما أنها لم تخرج منها مهزومة كما يحاول تصويره البعض، ولو كانت مهزومة ولو نسبياً لما عرضوا عليها التوقف.
خرجت مرفوعة الرأس، لا يوجد ضربة لم تردها، صمود إلى آخر لحظة، مواجهة إلى آخر لحظة، عُرض عليها وقف إطلاق النار والاتفاق ولم تسعَ له.
وستتضح معالم الانتصار أكثر بالمفاوضات النووية، بالنتيجة المحسومة سلفاً بنتائج المعركة المقدسة. السماح لهم بالتخصيب بنسبة معينة غالباً سيزيد عما كان مسموحاً به، مع الالتزام بالسلمية النووية، بمعنى أنها ستتمكن من إعادة الاتفاق على ما كان عليه وربما أفضل.
كل الهرطقة الأمريكية انتهت. كل الأهداف فشلت. لا غيّروا نظاماً، ولا أنهوا البرنامج النووي، ولا دمروا القدرات... فمن المنتصر؟!
في المقابل، لو كشف الكيان عن 20% فقط مما تجرعه من خسائر لعرفتم أن إيران فعلت ما لم تفعله كل الدول العربية والإسلامية منذ نشأة الكيان.
وإلى هنا انتهت معركة من معارك الحرب؛ لكن الحرب لم ولن تنتهي إلا بإزالة عدو الإسلام وعدو الإنسانية، الكيان المزروع في خاصرة الأمة.
ملحوظة: هناك اتفاق جانبي بشأن غزة غير معلن، أو هكذا يقال، ولا أعتقد أن تترك غزة تباد دون التطرق لحل، وهي أساس الموقف وأساس المعركة. ولا ننسى أن العدو غدار ولا يفي بتعهداته والتزاماته ووعوده ويقول ما لا يفعل، وقد تعود المواجهات بوتيرة أعلى من قبل.
المصدر خالد العراسي
زيارة جميع مقالات: خالد العراسي