المرتبات والوضع الاقتصادي..إشكاليات وحلول
- خالد العراسي الثلاثاء , 23 ديـسـمـبـر , 2025 الساعة 12:34:13 AM
- 0 تعليقات

خالد العراسي / لا ميديا -
رغم أن مرتبات أغلب موظفي اليمن ضئيلة جدا ولا تكفيهم حتى لأسبوع واحد وكانت هذه النتيجة متعمدة عند تحديد الحد الأدنى للمرتبات وذلك لانتهاج الفساد من أجل المعيشة فيصبح المواطن أول مدافع عن نظام الحكم الفاسد، لأنه لا يمنع فساده، وبالتالي يساعدهم على تغطية العجز والفارق المعيشي، بمعنى أن الفساد كان عبارة عن منهج ينتهجه النظام السابق وقد شرّع لحماية الفاسدين قوانين مفصلة وجمد عمل الأجهزة الرقابية وأحدث حزمة من الاختراقات والاختلالات في القضاء الذي يفترض بأنه صمام أمان وعامل الردع الأول لناهبي أموال وثروات الشعب، أي أن الفكرة في منح أغلبية الموظفين مرتبات لا تكفيهم كانت بغرض ضمان استمرار حاجتهم وعوزهم، فالاكتفاء يعني الالتفات للمطالب والحقوق ويعني أيضا الاستغناء عن التطبيل والتبجيل والطاعة العمياء وهذا ما لم يكن يراد أن يحدث آنذاك لتستمر حالة الخنوع ومن ثم الانقياد، والانشغال الدائم بالركض وراء لقمة العيش وما يسد الرمق.
ومنذ بدء العدوان على اليمن حرص العدو على إقحام الجانب الاقتصادي والمالي في عدوانه واستخدام سياسة التجويع للتركيع، ويؤسفني القول إن ما مارسه تحالف العدوان تجاه الشعب اليمني أخبث وأعنف مما فعله الكيان الصهيوني بالفلسطينيين لا سيما فيما يخص المرتبات.
قبل أكثر من عام صدر قانون «فاتورة المرتبات وصغار المودعين» وبهذا الشأن هناك بعض التساؤلات والإجابة عليها ستوضح شيئا مما يجهله الكثيرون.
تساؤلات بشأن قانون المرتبات والإجابة عليها للتوضيح
ما هي الجهات المدرجة ضمن الفئة (أ)؟
البعض يعتقد أن الفئة (أ) في قانون فاتورة المرتبات هم الوزراء بينما هم موظفو جهات معينة.. مثلا مجلسي النواب والشورى والقضاء والنيابات والهيئة العليا لمكافحة الفساد.. إلخ، مع العلم أن مرتبات موظفي الهيئة غير ما يتقاضاه رئيس وأعضاء الهيئة المنتهية ولايتهم وفترتهم وهو مليون ريال شهريا.
أما عن الوزراء فيتقاضون مخصصات شهرية أعلى بكثير من مرتباتهم وهي ضعف ما كان يتقاضاه وزراء حكومة «الإنقاذ» من نفقات وهذه الزيادة تمت بموجب شرط وتوجيه حازم بعدم صرف أي مبلغ لأي وزير سواء من الوزارة أو مرافقها لا سيما الإيرادية منها (وهي مبالغ كانت تزيد عن المخصصات الشهرية بكثير، فمثلا ما كان يستلمه وزير المالية السابق من مصلحتي الضرائب والجمارك يزيد عن مائة مليون في العام، فتم عمل هذه الآلية والضوابط لتوحيد المخصص، لأن الفارق بين ما كان يتقاضاه وزير وآخر في حكومة الإنقاذ كان كبيرا جدا.. أما رئيس مجلس الوزراء فمخصصاته أكثر من عشرة أضعاف مخصصات الوزير يعني أكثر من مخصصات عشرة وزراء، وطبعا هذه المبالغ آلت للقائمين بالأعمال بدلا عن شهداء جريمة الكيان الصهيوني).
على أي أساس تم تحديد الفئة (ج)؟
تم تحديدها على أساس أنها الجهات التي يتقاضى موظفوها مبالغ شهرية بشكل منتظم تحت أي مسمى (انتقالات -حوافز -بدلات...).
هل هناك جهات أدرجت ضمن الفئة (ج) ويفترض أن تكون في الفئة (ب)؟
نعم، مثل هيئة الاستكشافات النفطية ومركز الدراسات والبحوث، والموظفين المنقولين للفئة (ج) بالخطأ أو من تم حل إشكالياتهم سواء كانت انقطاعا أو غيره ولم ينقلوهم إلى الفئة (ب) بعد معالجة المشكلة.
هل هناك جهات ضمن الفئة (ب) ولا يستلم موظفوها نصف مرتب شهري؟
نعم، مثل وزارتي الزراعة والصحة (عند عدم توريد الحصة المفروضة وعدم الالتزام بتوريد كافة الإيرادات إلى البنك المركزي).
هل هناك جهات أدرجت ضمن الفئة (ب) ويفترض أن تكون ضمن الفئة (أ)؟
نعم، مثل الكادر التعليمي والصحي والأكاديميين والجيش والجهات الرقابية.
هل عملية الصرف منتظمة؟
لا، عملية الصرف غير منتظمة فهناك تأخير شهر باستثناء الفئة (أ) التي لم يتأخر الصرف عليها يوما واحدا.
هل هناك من لم يتم إدراجهم في أي فئة؟
نعم، مثل معلمي مديريات تعز الواقعة ضمن جغرافيا السيادة الوطنية (مناطق الحوبان ومحيطها) وأقروا لهم صرف نصف مرتب كل شهرين، والمعلمين المتطوعين الموعودين بالتثبيت ولم يتم تثبيتهم إلى الآن، وبعض الحالات الفردية، وهناك إشكاليات متعلقة بالمنقولين إداريا للعمل في جهات أخرى وعدم نقلهم ماليا وإشكاليات متعلقة بالإحالة إلى التقاعد بدون تسوية أوضاع المحالين للتقاعد بحسب القانون، وإشكاليات بخصوص الموظفين في المناطق المحتلة (النازحين إلى مناطق السيادة الوطنية، ويمارسون أعمالهم منها، وإشكاليات لدى معلمي وموظفي المناطق «المحررة» مؤخرا)، وغيرها من الإشكاليات.
هل هناك قرارات ملحقة بالقانون؟
نعم، مثل قرارات صرف مرتب كامل للموظفين الذين مرتبهم ثلاثون ألف ريال أو أقل وإعفائهم من ضريبة المرتبات وللأسف لم تنفذ.
هل هناك مجال أن تكون كل الجهات في الفئة (ب) أو (أ)؟
نعم، فقانون فاتورة المرتبات لم يوفر إيرادات جديدة بل شرّع (شرعن) وأجاز قانونا سحب إيرادات موجودة أصلا وإيداعها في حساب «المرتبات»، وبالتالي فإننا لو نفذنا برنامجا متكاملا للتعافي الاقتصادي ورفد خزينة الدولة ومن ضمنه «ضبط وتنمية الإيرادات» سيكون له مفعول إضافي، وسيزيد من قدرة الدولة على القيام بالتزاماتها، بل وسيحد ويخفف من آفات مجتمعية مثل البطالة وضعف القوة الشرائية، وسيحسن الوضع الاقتصادي (بشكل نسبي مادام الحصار والحرب الاقتصادية مستمرين)، ويحرك العجلة التجارية، ويعيد الدورة النقدية بشكلها السليم، فالعملية الآن في ظل الاعتماد شبه الكلي على الجبايات تسير في اتجاه واحد دون العودة للمواطن، وسيكون في ذلك أكبر منفعة للمجتمع وأكبر ضربة للعدو الذي يعمل على تجويعنا وإفقارنا وتجفيف مواردنا المالية بعدة طرق أهمها العامل الاقتصادي وما يؤدي إلى تردي الوضع المعيشي والخدمي وكل ما من شأنه إثارة السخط الشعبي فيتحقق للأعداء ما لم يتحقق بصواريخهم وقنابلهم الذكية وترسانتهم العسكرية.
كيف يمكن أن نضبط وننمي الإيرادات بما لا يضر المواطن ولا يثقل كاهله، أي بما لا يزيد الجبايات برفع رسوم سابقة أو استحداث رسوم جديدة وبحسب الممكن في ظل الوضع القائم من حصار وعدم استقرار (العدوان بكل أشكاله ومآلاته)؟
الإجابة بحسب رؤية شخصية بالجزء القادم وقد رفعت بها إلى الجهات المعنية وبعض القيادات وبهذه الرؤية وغيرها من الرؤى والمقترحات المرفوعة من غيري يمكن تنفيذ معالجات نسبية وإيقاف دوران العجلة إلى الوراء ومقاومة إجراءات العدو بل وتحقيق انتصارات إدارية، إلا أن تنفيذ برنامج متكامل سيغلق مضخات نهب على الكثير وسيحرق أحد أهم كروت العدو (الكرت الاقتصادي وسياسة التجويع للتركيع وإيصال الدولة إلى مرحلة العجز عن القيام بأهم الالتزامات)، وهي الأكثر تأثيرا من بقية كروته التي يعول عليها لإسقاط أهم وأكبر خصومه من الداخل (اليمن المقاوم).
الخنق الاقتصادي والتجويع وكيفية المواجهة
من الواضح أن الخنق المالي والاقتصادي هو أهم ورقة يعول عليها العدو لتحقيق هدفين:
الأول: إيصال الدولة إلى مرحلة العجز عن القيام بأهم واجباتها والتزاماتها.
والثاني: إفقار وتجويع الشعب لتركيعه، ومن ثم القبول بأي حلول يحاول فرضها العدو مهما كانت مجحفة ومنتهكة للسيادة، وبنفس الوقت لإثارة السخط الشعبي وخلخلتنا ومحاولة إسقاط النظام من الداخل.. وذلك من خلال تجفيف الموارد المالية وسياسة التجويع التي ينتهجها العدو عبر عدة إجراءات وخطوات تنفيذية نلمسها ونلاحظها بين الحين والآخر، وهذه الحرب مستمرة ومستعرة ومتفاقمة.
ومن الواضح أيضا أن هناك مقاومة لهذه الحرب، لكن من المهم ملاحظة أمرين:
الأول: قصور في مواجهة الحرب الاقتصادية وهي الأعنف والأكثر تأثيرا.
والثاني: اتخاذ إجراءات داخلية تساهم في تحقيق أهداف العدو في إطار التجويع وإثقال كاهل المواطن.
وكأن للعدو أيادي داخلية تنفذ ما يريده سواء كان ذلك بقصد أو بدون قصد (عمالة وخيانة أو قلة بصر وعدم دراسة المآلات). كما أن هناك من يستعرض عضلاته في القدرة على تنمية الإيرادات من خلال إجراءات تتسبب بالضرر على المواطن (تثقل كاهله وتزيد الأعباء المالية عليه).
لقد تعرضنا لنفس ما تعرض له الشعب السوري قبل سقوط النظام هناك وهروب الأسد رغم أنه كان مدعوما من خصوم أمريكا، وعلى هذا يعولون في إسقاط أحرار اليمن المقاومين للمشروع الأمريكي.
لسنا بصدد الحديث عن الإجراءات التي تصب في خدمة العدو ولا تحديد أوجه القصور، مع العلم أن الإثقال المالي ليس الطريقة الوحيدة لاستفزاز الحاضنة المراد ضربها، وإثارة سخط المجتمع، فهناك مظالم وهناك ترد للوضع الخدمي وهناك استهداف متعدد للشعب، إضافة إلى استهداف للوصول إلى حالة التفسخ الأخلاقي المجتمعي (تنفير وضغط وتجهيل وتفسخ، وكأنهم يقودون الناس إلى أن يقولوا سلام الله على إبليس الرجيم).
أمريكا لن ترفع الراية البيضاء بمجرد أن أحدث أسلحتها عجزت عن إركاعنا وهزيمتنا، والترتيب مستمر على قدم وساق لإسقاطنا من الداخل، وأقولها وبالفم المليان هناك قبل سنوات في وزارة المالية والبنك المركزي من خدم العدو بتسريب بيانات وتفاصيل وقاعدة بيانات مهمة وخطيرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر بيانات الشركات المتعاونة وأرقام وبيانات حساباتها، وتفاصيل الإيرادات والنفقات (حسابات ختامية وموازنات وبيانات تفصيلية للنفقات والإيرادات)، ومواضع العجز ومكامن القوة وكثير من المعلومات وعلى أساسها حدد العدو كيفية وأدوات الهجوم، لكن الخونة يغطون على خيانتهم بتقديم بعض الخدمات التي تجعلهم بعيدين عن الشبهة لدى السذج، كما أنهم أغرقوا من حولهم بالمصالح وأغدقوا عليهم الأموال؛ والدولارات تعمي الأبصار.
من الجيد ألا نكتفي بتسليط الضوء على المخاطر والاختلالات والإخفاقات فقط، ومن الواجب طرح الرؤى والمقترحات، فمن يريد التصحيح لا التشويه سيضع حلولا مقترحة، وبالمشورة وجمع الآراء والمقترحات ودراستها تكتمل الأفكار للخروج برؤية متكاملة على أن تكون قابلة للتنفيذ بحسب الظروف والإمكانيات وليست ضرب من الخيال، كما أنها قابلة للإضافة والتحديث بحسب النتائج والتطورات، وإليكم بعضها مع شرح مختصر جدا لكل نقطة:
1. بوتقة الإيرادات: في إدارة المخاطر والأزمات يتم تحديد حزمة من الإجراءات الواجب تنفيذها، ونحن في ظل أبشع حرب اقتصادية شهدتها البشرية لا يوجد لدينا توحيد لكل إيرادات الدولة ومن ثم توزيع الموازنات والاعتمادات المركزية، بل إن هناك عدة جهات لا تورد ما تتحصله من إيرادات إلى البنك المركزي وهي كثيرة وليست بالقليلة، كما أن هناك جهات كانت بمثابة شفاط لإيرادات بعض الجهات (شفاط بمعنى أنها أخذت إيرادات من جهات بدون وجه حق؛ ومنها وحدة التدخلات المركزية التنموية الطارئة التي شفطت إيرادات إحدى عشرة جهة).
والحل: وحدوا مصب إيرادات الدولة مع إلغاء الجهات المنشأة بالمخالفة للقانون ذات الأداء السلبي سواء بفسادها أو بعدم جدوى مشاريعها أو بانتزاعها لجزء من صلاحيات وإيرادات جهات أخرى قائمة وسترون الفارق.
2. ضبط النفقات: قبل فترة وجه أحد موظفي اللجنة الاقتصادية العليا لي سؤالا مهما وهو: كيف يمكننا ضبط الحسابات الجارية؟
وأجبته بجعلها مثل الحسابات الحكومية (تقسيم بنود وأنواع وفصول وأبواب وضبط وموازنات وتحديد وتقييد نفقات)، لأن جميع الجهات الإيرادية تصرف من حساباتها الجارية بدون حساب ولا يأبه رؤساؤها لمخالفتهم في تجاوز الموازنات، ويجب تقييدهم بالموازنات التي يرفعونها ويتم إقرارها، أي عدم تعزيزهم إلا بمخصصاتهم المعتمدة مهما كان حجم إيراداتهم.. وأعطيته التفاصيل ورفعوا بالتفاصيل والبرنامج إلى الرئاسة باسم وزير المالية السابق وتم التوجيه بالتنفيذ (ولا يهمني سرقة الفكرة بقدر ما يهمني دقة وصحة التنفيذ وتحقيق والمصلحة العامة)، لكن كالعادة كانت هناك خطوات تنفيذية مغلوطة حيث تسبب البعض ممن كان لهم سلطة ومنصب سابقا في قطاع الوحدات الاقتصادية بوزارة المالية بأكبر كارثة وجعلوا من هذا البرنامج وسيلة ابتزاز لا أكثر، حيث رصدوا موازنات داعمة ومعتمدة لمشاريع وهمية أو لا حاجة لنا بها، وبنفس الوقت ظلموا الموظفين.
فمثلا لا حصرا رصدوا لإحدى الجهات اعتمادا بثلاثمائة مليون ريال لبناء مبنى جديد لم يداوم فيه إلا أربعة أشخاص، أي أنه لم يكن له أي داع، وما اعتماده إلا باب من أبواب الفساد والعبث، بينما رفضوا اعتماد تأمين صحي لموظفي تلك الجهة، رغم أنه معتمد سابقا (بمعنى أنهم استنزفوا أموال الدولة بما لا حاجة لنا به وأثاروا سخط الموظفين). كما أنهم رفضوا اعتماد مخصصات لتنفيذ مشروع ضبط إيرادات تلك الجهة، كما قام قطاع الوحدات الاقتصادية (سابقا) بشكل خاص ووزارة المالية بشكل عام والجهات الرقابية بغض الطرف عن فساد الوحدات الاقتصادية وإخفاقاتها وإهمالها رغم أنهم أكبر ثقب أسود يلتهم ويستنزف الإيرادات، وعلى العكس قاموا بالتنكيل بمن يبلغ أو يتوجه نحو التصحيح، وتهميش وإقصاء كثير من ممثلي المالية الشرفاء والمبدعين، وهذه النقاط لا تشكل إلا جزءا من الاختلالات.
والحل يكمن بمعرفتها وحصرها أولاً (التشخيص)، ومن ثم اتخاذ إجراءات تصحيحية، لا سيما بعد أن تغير اسم قطاع الوحدات الاقتصادية إلى قطاع الرقابة على الوحدات الاقتصادية وتنمية الإيرادات، وبالتالي يجب تفعيل القطاع بما يتوافق مع المسمى الجديد والتخلص من الأخطاء الماضية التراكمية.
3. تنمية الإيرادات: البعض يقوم يتجمل مع الدولة برفع مقترحات من شأنها تنمية الإيرادات، لكنها قاتلة للمواطن، لأنها عبارة عن رفع رسوم سابقة أو استحداث رسوم جديدة، والبعض ينفذها بدون رفعها لمجلسي الوزراء والنواب. فمثلا ارتفعت بل تضاعفت رسوم التحسين عشرين ضعفاً خلال ثلاثة أعوام، وبالتالي ارتفعت معها أسعار السلع (رغم استقرار سعر صرف الدولار)، ومثل هذا لا يخدمكم، بل يريد إحراقكم وإثارة السخط الشعبي ضدكم، ومن يخاف الله ويريد مساعدتكم واستمراركم سيحافظ على حاضنتكم الشعبية وبنفس الوقت يقدم مقترحات ترفد خزينة الدولة ولا تضر المواطن. مع العلم بأن كثيرا من الخبراء رفعوا مثل هذه المقترحات ومن قام بمضاعفة رسوم التحسين هو نفسه من رفض تنفيذها رغم أن السيد القائد وجه بتنفيذها.
عموما هناك برامج تنموية نهضوية يجب أن تنفذ وأهمها في المجال الاستثماري مع التركيز على الاستثمار المعدني والسمكي بالتوازي مع تنمية الصادرات غير النفطية وتنفيذ برنامج متكامل لتنمية الإيرادات وتحقيق أفضل النتائج وفق الممكن والمستطاع.
4. ضبط الإيرادات: عملية ضبط الإيرادات ليست معضلة وحتى لو كانت معضلة لوجدنا لها حلا، فلا نفتقر إلى الحلول بقدر افتقارنا إلى النزاهة والشرف والضمائر الحية، فمثلا هناك من رفع بمقترحات من شأنها ضبط إيرادات جهة، وبالتالي رفعها من مائتي مليون ريال إلى أكثر من مليار ريال (تقريبا) إلا أن رئيس هذه الجهة جن جنونه، لأن هذه المقترحات ستغلق عليه وعلى داعميه وحماته (القبة الحديدية) وأدواته مضخة ليست إلا حنفية وهي تلك الإيرادات المنهوبة التي تتدفق إلى الجيوب (الفارق المنهوب) وبتنفيذ البرنامج ستتدفق إلى خزينة الدولة، وبالإمكان رفع مقترحات لكل جهة إيرادية على حدة لكيفية ضبط إيراداتها، لكن أين من سينفذون؟ أي أن تنفيذ برامج ضبط الإيرادات يستدعي بالأساس إزاحة الفاسدين المستفيدين من عدم ضبطها حتى لا يعرقلوا البرنامج وعمليات الضبط؟
5. المضي قدما نحو الاكتفاء الذاتي زراعيا وصناعيا بالقدر الممكن والمستطاع وبشكله الصحيح وليس كما يحدث من أخطاء.. حيث ما يتم حاليا هو الاكتفاء بمنتجات شركات كبرى/ بيوت تجارية معينة وليس اكتفاء ذاتيا حقيقيا. وزراعيا إنجازات غالبا ما تكون شكلية ونفقات كبيرة تجعل تكاليف الزراعة أكبر من قيمة المنتجات لزيادة الأعباء في المشاريع الزراعية الخاصة بالدولة ولإحباط المزارع وإيصالنا إلى قناعة بأن الحل هو الاستيراد. كما أن برامج ومشاريع تخزين مياه الأمطار، والزراعة المائية، والزراعة المطرية، والري بالتقطير، والري المحوري، وتغذية المياه الجوفية، وصناعة أعلاف الدواجن، وتصنيع الأسمدة والمبيدات الطبيعية و.. و.. إلخ، غائبة عن المشهد رغم أهميتها، وعلى العكس يتم تنفيذ مشاريع استنزافية وضارة ومكلفة.
6. النهوض بالشركات والمشاريع المتعثرة أو التي لم يصل نجاحها إلى المستوى المطلوب (شركة كمران، وشركة الأدوية، ومصنع باجل للصلصة، ومصنع الغزل والنسيج، ومصانع الأسمنت، ومشروع تدوير النفايات في الأزرقين، ومشروع معالجة مياه الصرف الصحي وتدوير المياه العادمة بخط المطار وفي محافظة إب) وهي مشاريع ممتازة، ويجب أن نصل فيها إلى مراحل متقدمة لإنتاج الغاز المنزلي والأسمدة وما إلى ذلك، ويجب أن يكون في كل محافظة مشروع تدوير محلفات ومعالجة مياه الصرف الصحي وتدوير المياه العادمة لما لها من فوائد عظيمة ومستدامة وحلول لكوارث وأضرار بيئة... إلخ.
7. تشجيع الاستثمار: صدر قانون الاستثمار إلا أن نتائجه كانت عكسية، حيث فقدت خزينة الدولة نسبة كبيرة من الإيرادات وتحديدا إيرادات كبار المكلفين بسبب سريان الامتيازات والتسهيلات والإعفاءات على مشاريع قديمة سابقة وقائمة بينما لم تظهر أي استثمارات جديدة، والسبب ليس العدوان فهناك مشاريع بالإمكان قيامها حتى في ظل العدوان. كما أن قانون الاستثمار لا يحمي اقتصادنا من اختراق الجهات الدولية الممولة سواء كانت ربوية أم من كيانات معادية وأخطاء أخرى، لذا وجب تعديل القانون لتلافي الأخطاء السابقة. كما يجب خلق بيئة مناسبة ومشجعة للاستثمارات إلى جانب التشجيع القانوني، وذلك من خلال توفير البنى التحتية اللازمة من طاقة وما إلى ذلك ولو بحدها الأدنى بحسب المتاح والممكن حاليا وستتطور البنى التحتية مع الأيام.
8. وضع حد للضربات المالية التي يتلقاها المواطن سواء عن طريق البنوك أو شركات الصرافة أو شركات الاستثمارات الوهمية أو منصات البيع والاحتيال الإلكترونية مع إعادة أموال المساهمين المتبقية التي كانت لدى شركات الاستثمارات الوهمية التي صدرت بشأنها أحكام قضائية باتة ونهائية، وحسم بقية القضايا التي قيد التقاضي ومحاكمة شركات المساهمة التي نصبت على الناس ولم تخضع للمحاكمة، والتحذير والتنبيه الإعلامي بشكل مستمر من شركات ومنصات النصب والاحتيال الإلكتروني ومتابعتها ومراقبتها، ووضع حد لكل الإجراءات التي تقطع أرزاق الناس وتوقف مصادر دخلهم الشحيح وتعيق الحلول البديلة التي يتخذها المنكوبون بحجة التنظيم أو مراعاة المظهر العام بدون أن يرافق قرارات التنظيم معالجات وحلول وبدائل كما حدث مع أصحاب البسطات وسواقي المترات والباصات وكثير من الإجراءات والقرارات المتخذة ذات المردود السلبي على الوضع المعيشي المتردي أصلا (قمت بحصر كل هذه الإجراءات مع وضع الحلول والمعالجات البديلة بما يضمن التنفيذ الأمثل وتحقيق الأهداف التنظيمية وغيرها دون الإضرار بأحد).
9. دعم وتنمية وتشجيع كل من المشاريع الصغرى والأصغر، وبرامج التمكين الاقتصادي، والأسر المنتجة، والزراعة التعاقدية، ومشاريع المساهمة (مع ضمان عدم تكرار عمليات النصب والاحتيال وتشديد الرقابة وقوننة المشاريع رسميا)، والجمعيات التعاونية أيضا مع الرقابة، لأن هناك اختلالات كبيرة بهذا الجانب، ومشاريع التكافل الاجتماعي (مؤسسي وشعبي)، والتنسيق والربط بين مخرجات العملية التعليمية وسوق العمل، والاهتمام بشكل كبير بالمعاهد الفنية والتقنية المهنية فهي البديل وقت الحروب والأزمات وتوقف التوظيف بالقطاع العام وشحة الوظائف بالقطاع الخاص.. إلخ.
10. حصر ومعالجة الاختلالات المصرفية: وبهذا الشأن هناك حصر لأهم هذه الاختلالات والحلول الممكنة.
بالتأكيد هذه ليست كل الافكار، كما أن التفاصيل المسرودة لكل فكرة مختصرة جدا، والمطلوب هو الإسراع في التنفيذ بالتوازي مع التصحيح واستكمال التغييرات الجذرية ومحاسبة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة، ووقف الإهدار المالي والفشل المؤسسي، وتفعيل التقييم بشكل مستمر.
لا تركنوا على المفاوضات وانتزاع الحقوق من السعودية، اعملوا جاهدين في هذا الجانب، لكن دون الركون عليه بشكل كلي بأنه المخرج الوحيد وتقفوا مكتوفي الأيدي أو عامل مساعد للعدو في تضييق الخناق، إن نجحت المفاوضات خير وبركة وإن طالت أو عادت المواجهات نكون غير مقصرين وعملنا كل ما يتوجب عمله للتخفيف من كوارث الحرب الاقتصادية ولمواجهتها بالشكل الأمثل.
العدوان متعدد الأوجه ومواجهته يجب أن تكون متعددة (اقتصادية، مالية، عدلية، سياسية، مجتمعية.. إلخ). فاوضوا بقوة وتحركوا داخليا، وفق شعار «يد تحمي ويد تبني».. والله الموفق والمستعان.










المصدر خالد العراسي
زيارة جميع مقالات: خالد العراسي