أخي الرئيس.. لا مجال لتأجيل المعركة
 

خالد العراسي

خالد العراسي/ لا ميديا -
فخامة رئيس الجمهورية المشير الركن/ مهدي المشاط
تحية جهادية، وبعد:
الوضع المعيشي يزداد سوءا بسبب الحصار الخانق والحرب الاقتصادية البشعة والسياسة القذرة التي ينتهجها العدوان في تجفيف الموارد المالية لتجويع الشعب بغية تركيعه وخلق حالة كبيرة من السخط الشعبي. وكما تواجه قواتنا العدوان الكوني عسكريا وتحقق انتصارات نوعية بفضل الله عز وجل ثم بإخلاص وحنكة وحكمة ومثابرة قائد المسيرة الهمام (سلام الله عليه)، فالشعب يأمل ويرجو تحقيق انتصارات على المستوى الداخلي، والعدالة وتصحيح الأخطاء وتحسين الأوضاع من أهم عوامل النصر. ولأن العدوان متعدد وليس عسكرياً فقط فمواجهته يجب أن تكون متعددة، لتكتمل حلقات النصر، بينما تردي الأوضاع يسبب احتقانا شديدا واستياء شعبيا. وهناك أشياء بالإمكان تصحيحها، والتصحيح غير مكلف، بل بالعكس تماما، استمرار تردي الأوضاع هو المكلف، والتهاون مع حالات الإخفاق والفشل يخدم العدوان.
ما نطلبه ليس مستحيلا ولا يتطلب إمكانيات مادية، وإنما يتطلب إمكانيات بشرية (نوايا طيبة وإرادة قوية).
فمثلا: في الجانب الحكومي يجب إقالة جميع الفاسدين والفاشلين، على أن يكون البدلاء منتقين وفق المعايير الإدارية الناجحة، بحيث يكونون بحجم المسؤولية ولديهم القدرة على مواجهة التحدي واجتياز أصعب مرحلة يمر بها اليمن، وبذلك سيتغير الأداء الحكومي إلى الأفضل، وهذا كفيل بتحسين الأوضاع المعيشية. كما يجب الاهتمام بالجانب الخدمي الذي يمس حياة المواطنين بحسب الممكن والمتاح.
هناك نسبة من الأخطاء والإخفاقات والاختلالات والمظالم، وهي إلى جانب الأضرار والآثار الكارثية التي تسبب بها العدوان تؤدي إلى تفاقم الوضع بشكل كارثي، في حين لا يجوز أبدا أن نتجرع أضرار أقبح عدوان كوني شهدته البشرية إلى جانب مآلات الإخفاقات والاختلالات القائمة التي لا يتضرر منها إلا المواطن.
ونعرف أن التصحيح عبارة عن معركة داخلية. وهذه المعركة يجب ألا ينشغل بها السيد القائد في الوقت الحالي، وعلينا أن نترك لقائدنا المجال بشكل كلي لقيادة معركتنا المصيرية لنيل الاستقلال وإلغاء التبعية. وأنت يا سيادة الرئيس كفيل وجدير بقيادة معركتنا الداخلية. وبلا شك ستنتصر في هذه المعركة، وبهذا تكون قد صنت الأمانة الملقاة على عاتقك، وسيعينك الباري عز وجل ويسهل لك كل الصعاب، وسيكون الشعب إلى جانبك في كل خطوة تخطوها.
بإمكان الشعب أن يصمد ويصبر إلى آخر رمق؛ لكن ذلك يتطلب تحركاً جاداً وخطوات تنعكس على الوضع العام بشكل إيجابي، بحيث نعلم وندرك ونتيقن أن دولتنا وحكومتنا لم تألُ جهدا في خدمة المواطن وأنها تبذل كل ما بوسعها. عند ذلك ستكون المعاناة التي تسبب بها العدوان مقدوراً عليها بإذن الله، وسنستمر في إثباتنا للعالم أننا أكثر الشعوب جلداً وصبراً وثباتاً.
أما ما نراه حالياً فهو أن ما يجب أن يتم مغاير تماماً لما يحدث، حيث يجب أن يحظى الشعب بمسؤولين على قدر عالٍ من النزاهة والكفاءة والنشاط والتميز والإبداع ليُفشلوا مخططات وأهداف العدوان في إطار محاربته واستهدافه للمجتمع، بينما الملاحظ والمشهود هو أن أغلب المسؤولين يزيدون الطين بلة، وبدلا من إيجاد الحلول والبدائل والمعالجات للتخفيف من نتائج الإجراءات العدوانية نجد أغلبهم منقسمين ما بين فاسد وفاشل وظالم ومتعجرف، بل إن منهم من تصل إليه أطروحات ورؤى ومقترحات من شأنها ترتيب وتنسيق الوضع في جانب معين، وأخرى لتنمية وضبط إيرادات الدولة بما لا يحتاج إلى إقرار أو تعديل قانوني ولا يزيد الأعباء على المواطن ولا يثقل كاهله، وأخرى من شأنها تحسين المستوى المعيشي والخدمي ومعالجة الإشكاليات والتحديث والتطوير؛ إلا أنهم يهملونها ويهمشونها، وأحيانا يصل بهم الأمر إلى إقصاء ومحاربة أصحاب هذه الرؤى والمقترحات. وفي المقابل نراهم يهرعون فورا إلى تنفيذ مقترحات تفاقم أعباء المواطن وتزيد معاناته. وهذا سببه إما تغليب المصالح الشخصية على المصالح العامة وإما وجود مسؤولين يغلب عليهم الغرور والسادية، فلا يقتنعون بأي فكرة. وفي كل الأحوال لا يستفيد من ذلك إلا العدوان، الذي يراهن على فشل مكون الأنصار في إدارة الدفة.
هناك نسبة من الظلم. وكنتَ يا سيادة الرئيس قد توعدت الظالمين بأنهم لن يكونوا في مأمن. وهناك نسبة بسيطة من الفساد المالي وكبيرة من الفساد الإداري، وكنتَ قد توعدتَ الفاسدين بالضرب بيد من حديد. وهناك نسبة من الفشل، وكنتَ قد منحتَ الفاشلين من ذوي الأداء الصفري فرصة شهرين وتوعدتَهم بالإزاحة المخزية إن لم يحسنوا أداءهم. ونحن على يقين كامل من إخلاصكم ووطنيتكم وجديتكم في تصحيح الأوضاع، وقد آن الأوان لتخوض معركة التصحيح وتدخل التاريخ من أرقى وأجمل أبوابه، فلا متسع ولا مجال إطلاقا لتأجيل المعركة، لأي سبب كان، مع العلم بأن التصحيح سيسهم بشكل كبير جداً في دعم الجبهات؛ فمن ناحية ستزداد نسبة الرضا المجتمعي بشكل كبير، ومن يرضى عن حكومته سيدعم ويساند ويؤيد كل توجهاتها، ومن ناحية فإن المؤسسات والمرافق الحكومية ستصحح الأخطاء ويتصوب المسار ويتوقف العبث وإهدار المال العام. وهذا سيوفر الدعم المالي، سواء لجبهاتنا أو لبرامجنا الخدمية والتنموية والنهضوية، وكل شيء سيسير إلى الأفضل، وسيكون العدوان الذي نواجهه سببا في النهوض وليس الركوع كما يأمل العدو.
بكل المقاييس، معركة التصحيح لا خسارة فيها، وتأجيل المواجهة والاستهانة بالأمر هو الذي سيسبب الخسارة.

أترك تعليقاً

التعليقات