خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
قبل اغتيال سماحة السيد حسن نصر الله، ظهر في قناة «الحدث» المتصهينة جاسوس عميل محكوم عليه سابقا بتهمة التجسس والتخابر مع «الموساد»، واختاروه بالذات ليظهر في هذه القناة التي تعكس سياسة وتوجهات الكيان الصهيوني وتعمل على إيصال رسائل الكيان الإعلامية وحربه النفسية.
اختيار موفق لشخص مهمته هي توجيه أصابع الاتهام إلى إيران بينما نعرف أنه لا القناة ولا الشخص حريصون على الحزب ليطلعوهم على من خان.
وهكذا بالنسبة للآراء الأخرى يجب قياسها بتوجه القناة نفسها أو الكاتب لمعرفة هل هو ناصح أم حاقد يصطاد بالماء العكر وينفذ أجندة صهيونية؟!
وفي إطار آخر نشروا دراسات توحي بأن سبب الاختراق هو الدولة والقيادات السورية بشكل أو بآخر.
ما سبق هو مجرد جزء من حرب إعلامية ونفسية صهيونية وقد بلغت ذروتها في الفترة الحالية لاسيما مع الفشل العسكري الصهيوني المتنامي، ويهدف ما يروج له العدو في إطار الحرب الإعلامية النفسية ما يلي:
1. نشر ما يوحي بأن المحور بات ضعيفا ومتهالكا وغير قادر على مواجهة الكيان، وهذا يبث اليأس والإحباط ويضعف المعنويات ويخلف نفسيات منهزمة ومنكسرة.
2. الإيحاء بأن الكيان بات أكثر قوة وصلابة وقدرة على الإيجاع والتأثير، وأن قدرته العسكرية تنامت وتضاعفت، وكذلك بشأن أهمية وخطورة ما حصل عليه من قاعدة بيانات ومعلومات استخباراتية، وذلك لأن مبدأ التخويف هو أساس كل علاقاته، وهذا ما جعل المطبعين والمنبطحين يهرولون ويتسابقون لتأدية الولاء والطاعة للكيان المؤقت بينما الحقيقة هي العكس تماما، فالكيان كان ضعيفاً وأصبح الآن أضعف بكثير مما سبق، والضعف والقوة هنا ليسا بالأسلحة التي لا تحسم معركة بشكل نهائي، وإنما بعدة عناصر ومؤشرات أهمها ضعف القناعة لدى الشعب والقوات بالقتال والصمود والثبات والتضحية، وكذلك فقدان عنصر الأمن في الداخل وتضاعف موجة التهجير العكسي وعدد قتلاه وجرحاه والمصابين بأمراض نفسية جراء ما حدث، وعوامل أخرى.
3. نشر ما يوحي بأن المحور يخون نفسه على أعلى مستوى قيادي سواء دوله تخون جماعة أو أفرادا، وقيادات يخونون جماعتهم، بينما أثبتت التحقيقات أن الاختراق الأكبر كان إلكترونيا وقاعدة بيانات تم تجميعها وتكوينها منذ عشرات السنوات، وأن الاختراق البشري يقتصر على عملاء وجواسيس وخونة في البيئة المحيطة لتأكيد تحركات ومكان تواجد الهدف وتنفيذ مهام داخلية وهذا بشكل أساسي وما دون ذلك هو الثانوي والنادر جدا.
4. الإيحاء بأن ضربات المحور لم تؤثر عليه، وأن إجمالي نتائجها غير موجعة، بالتوازي مع تكتيم شديد بشأن النتائج سواء من ناحية القتلى أو الجرحى أو العدد الفعلي للمهجرين أو المباني المدمرة والمناطق المحروقة وكل مؤشرات الاستقرار بشكل عام، لأن الحقيقة ستجعل الجميع يدركون ويعرفون أن الكيان في أضعف مراحله وأن خسائره منذ «طوفان الأقصى» أكثر من كل ما خسره منذ احتلاله فلسطين.
5. يعمل الكيان على تحريض الحاضنة الشعبية للمحور بحيث يكون التدمير والتأثير من الداخل أكثر مما يكون عليه من الخارج.
6. يحرص الكيان على ترسيخ فكرة أن المحور جلب الدمار والجوع والفقر والقتل لشعبه، وأن الحل الوحيد هو التراجع عن موقفه المناهض والمقاوم للكيان وبالتالي بروز نغمة «خلونا نعيش بأمان وطز بفلسطين وطز بغزة».
7. بث ونشر وزرع كل أنواع الفتن والعنصرية والأحقاد، وكل ما يؤدي إلى التفرقة والانقسام والشتات وكل ما يقودنا إلى مقاتلة بعضنا البعض لننشغل بقتال بعضنا وينعم هو بالأمن والاستقرار.
8. ترسيخ فكرة أن الكيان ليس عدونا الأزلي، بل حتى ليس عدوا من الأساس، وأن عدونا الأكبر والأكثر خطراً هو «إيران».
9. الإيحاء بأن فكرة التعايش مع الكيان هي الحل الأمثل والأقرب، وبأنها فكرة باتت ضرورة ملحة وعدم التفكير نهائيا بالتحرير ولو كفكرة ومبدأ.
10. إقناع الجميع بأن ما يجب السعي لأجل تحقيقه هو إقامة دولة فلسطينية معترف بها، وأن يكون ذلك هو الانتصار الأهم والأكبر والنهائي الذي يمكن تحقيقه وبلوغه بعد عشرات الأعوام.
احذروا الحرب الإعلامية النفسية التي يمارسها العدو فهناك الكثير ممن يتأثرون بها دون وعي ودون أن يدركوا أنهم ضحيتها، ويعتقدون بحقيقة ما يبثه العدو من سموم.
استهداف المعنويات
المعنويات العالية ركيزة أساسية للنجاح وتحقيق الانتصار، لأنها تقود إلى الثبات والصمود والعزيمة والاطمئنان والإقدام والإصرار والكفاح والأمل والتوازن والتركيز... إلخ، بينما المعنويات المنهارة والنفسيات المنكسرة أهم أسباب الفشل والهزيمة، لأنها تتسبب بالإحباط واليأس والكسل والاختلال والاستسلام... إلخ.
ومن هذا المنطلق يسعى العدو الصهيوني بشكل خاص وتحالف الشر والظلام بشكل عام إلى استهداف معنويات خصومه في محور المقاومة وكل فرد مقاوم ولو بالكلمة وكل من يساند ويناصر ويؤيد المقاومة سواء كانت فصائل أو دولا، بل يستهدف أيضا البيئة الحاضنة، ويفعل ذلك من خلال الحرب الإعلامية النفسية.
لم يتوقف الكيان عن عملية «شيطنة المحور والمقاومين» وهي عملية يخصص لها وحدات عمل ومخصصات مالية ضخمة، وكثفها وركز عليها واهتم بها أكثر منذ بدء معركة «طوفان الأقصى».
الحرب الإعلامية والنفسية أخطر بكثير من الحرب العسكرية فالسلاح قد يقتل قائدا أو حتى مجموعة مجاهدين ويتسبب بخسائر بشرية، لكن القائد يحل بدلا عنه قائد آخر، وكذلك الأمر بالنسبة للمجاهدين، لكن تبقى فكرة ومبدأ المقاومة وتبقى الروح المعنوية العالية وما يصاحبها من عزيمة وإصرار، بل إن خسارة القادة وبالذات المحبوبين ومن يتمتعون بقاعدة شعبية واسعة تخلق نزعة انتقامية وثأرية (انتقام وثأر)، وتقطع إمكانية التوصل إلى حلول سلمية لفترة، لكن استهداف المعنويات يطفئ شعلة المقاومة ويخمدها.
من ضمن برنامج استهداف المعنويات خلق حالة من التشكيك لتحقيق التفرقة (فرق تسد)، فعندما نشك ببعضنا سيتحول التعاضد إلى تفكك وانقسام ووقف التعاون، وبالتالي يستفرد بنا العدو بعد أن نصبح هدفاً سهلاً.
الخلاصة: يدرك العدو جيدا أن خلق نفسيات مهزومة ومعنويات مدمرة ومنهارة إلى جانب التفرقة والانقسام والتشكيك والخوف والرعب هو السلاح الأقوى والأكثر فاعلية لتحقيق أهدافه ضد خصومه.
لكن الحمد لله، المعنويات عالية والمحور واحد وفي حالة وحدة صف ووحدة ساحات، والكيان المؤقت والتحالف الشيطاني هو الذي في حالة ذل وهوان وتقهقر وانكماش، وسينضم إلينا مزيد من أحرار العالم وسنزداد عزيمة وقوة وبأسا، والنصر حليفنا بإذن الله عز وجل.

أترك تعليقاً

التعليقات