التغييرات الجذرية واللجان
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
بمجرد أن قرأت إعلاناً عن كلمة لرئيس المجلس السياسي الأعلى عرفت أن هناك رسالة مهمة جدا يراد إيصالها، وتساءلت: هل هي رسالة للخارج أم للداخل؟!
وعند سماعي للكلمة عرفت ما هي الرسالة التي استدعت الإعلان، وهي، إلى جانب الرسالة المزلزلة الموجهة لدول العدوان، أن هناك لجان نزول ميداني لكل الجهات الحكومية، وأن هذه اللجان هي التغييرات الجذرية التي تحدث عنها السيد القائد!

وبهذا الشأن أقول: للعلم والإحاطة فإن اللجان التي تحدث عنها الرئيس في كلمته تم تشكيلها منذ أسبوعين تقريبا، وهي لجان مشتركة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ومهامها دراسة القوانين واللوائح التشريعية والهياكل والمهام الوظيفية والتنظيمية في كل جهة، وهذا عمل مهم جدا لا يُستهان به، والسيد القائد مهتم به جدا، ولكم أن تتخيلوا أن جميع القوانين واللوائح فيها قصور شديد وكثير من الاختلالات وبعضها يتسبب في تعقيد وتصعيب الإجراءات، وتصحيحها سيكون له أثر عظيم بإذن الله تعالى.

ملاحظاتي الشخصية:
1 -هذه اللجان لا تشكل كل مسارات التغييرات الجذرية التي تحدث عنها السيد القائد، وهناك مسارات أخرى أهمها التقارير والبلاغات الخاصة (بعد التحري من صحتها)، وتقارير فحص الأعمال المالية عبر الجهات الرقابية والتي نتج عنها إدانة مسؤولين وموظفين بملفات فساد مالي جسيم ومخالفات عالية المخاطر.
وهناك مسار آخر متمثل في حصر من ظهرت عليهم ثروات ضخمة ولا يوجد على فسادهم إثباتات، أي أن فسادهم مخفي ولا يوجد فيه إدانات وتقارير ووثائق، وأصبحوا أثرياء، فيحالون للمساءلة عن مصادر ثرواتهم بما فيها المسجلة بأسماء غيرهم.
لا يمكن للتغيير الجذري أن يقود إلى الأفضل في ظل وجود الفاسدين؛ لأن مشكلتهم لم تكن في القوانين والأنظمة، فهل تجيز لهم القوانين واللوائح الحالية السرقة والاختلاس؟!
هؤلاء مشكلتهم كانت ومازالت في غياب الشرف والنزاهة والضمير والوطنية وفقدان المبادئ، ويستحيل أن يرضى السيد القائد ببقائهم، مع العلم أن حتى إقالتهم تعتبر عملية إنقاذ لهم ما لم يتبعها محاكمة ومحاسبة واستعادة لما نهبوه.

2 -لم تكن هناك حاجة لنزول اللجان إلى الجهات مادام عملها يقتصر على الجانب التشريعي والهيكل الوظيفي، فبالإمكان طلب اللوائح والقوانين والتشريعات الخاصة بكل جهة ودراستها باستثناء الجهات التي تعمل بدون لوائح تنظيمية وتشريعية، وكان يجب إعداد نماذج لتسهيل العمل، فمثلا في الجانب القانوني يكون النموذج كالتالي:
نص المادة/ مصدرها التشريعي/ أثرها السلبي/ مقترح التعديل/ الأثر بعد التعديل.
وعند الإضافة يكون النموذج:
نص المادة المراد إضافتها/ سبب الإضافة/ الأثر بعد الإضافة... وهكذا.

3 -إشكاليات الجهات لا تقتصر على الجانب القانوني والهياكل، بل هناك إشكاليات أخرى عديدة يجب أن تحصر، ويتم إعداد مقترحات لحلها بعد إجراء تقييم مؤسسي للجهة، على أن تكون هذه الحلول قابلة للتنفيذ بحسب الأوضاع الراهنة، وبالإمكان إعداد رؤية تحديثية وأخرى تطويرية لكل جهة، وبهذا يكون لدى كل جهة مصفوفة كاملة لحل مشاكلها وتحديثها وتطويرها.

4 -التعديلات التشريعية تحتاج إلى خبراء قانونيين وإداريين، وبعد إقرارها من اللجان تعرض على مجلس الوزراء، وبعد إقرار صيغتها النهائية ستعرض على مجلس النواب، بمعنى أن الموضوع يطول، وبالتالي لا يجب أن يكون مبررا لتأخير تغيير الفاسدين، لاسيما من فاحت رائحتهم النتنة وباتوا حديث الشارع، مع العلم أن هؤلاء يمثلون أهم وأكبر المسببات الداخلية في تردي الوضع المعيشي والخدمي وإثارة السخط الشعبي.

5 -يجب التركيز على المواد القانونية التي تسبب التداخل في الصلاحيات والمهام، فهي كثيرة وشائكة ومشاكلها كثيرة.

6 -يجب تحديد أهداف معينة لكل جهة (خطة عمل سنوية) مع استمرار الرقابة والتقييم، فعدم تفعيل مبدأ الثواب والعقاب أدى إلى التمادي وتفاقم الفساد والفشل. كما يجب التنسيق بين الجانب المالي ومشاريع وأهداف الرؤية الوطنية، حيث لوحظ أن مشاريع الرؤية الوطنية في وادي والاعتمادات المالية الحكومية في وادٍ آخر. وكان هذا أبرز أسباب الإخفاق في تحقيق الأهداف المرسومة.
 7 - أهم التعديلات القانونية التي يجب أن تتم هي في مجال محاربة الفساد وإزالة الحماية عن كبار المسؤولين وذوي المناصب العليا بما فيها منصب رئيس الجمهورية نفسه في حال كانت هناك شبهة فساد، بحيث يكون القانون فوق الجميع ولا أحد فوق القانون. وحذارِ أن تصب التعديلات القانونية في إطار نوع جديد من التسلط والاستحواذ.
والله الموفق والمستعان.

أترك تعليقاً

التعليقات