معركة النهام الجارحة
 

عبدالرحمن هاشم اللاحجي

عبدالرحمن اللاحجي / لا ميديا -

النهيمة: كلمة عامية سقطرية تطلق على الصقر الوطني الحر، وهو من أندر الصقور على مستوى العالم.
عندما يحلق صقر جائع على مقربة من شجرة تعلوها بعض العصافير الرمادية الجميلة، يفترض بهذه العصافير أن تخفض صوتها وأن تستخدم كل وسائل التمويه، لأن زقزقتها وهي بتلك الوضعية الخطيرة ليست أكثر من إيذان لشهية الصقر المحظوظ باصطيادها وتحويلها إلى «طُعم لذيذ».
يُطلق الباحثون العسكريون «الإسرائيليون» هذه الأيام التهديدات المتكررة تجاهنا، جاعلين من شجرة دم الأخوين «تنين الدم» عنوانا لمعاركهم القادمة في اليمن. مثل هذه التهديدات الخرقاء نسمعها بوضوح، وسكوتنا عنها -طوال هذه الفترة- يعني أن هناك عملية رصد ضخمة يجري التحضير لها تمهيدا لاصطياد أكبر عدد ممكن من تلك العصافير المشاغبة «بضربة واحدة».
في المولد النبوي الماضي حذر السيد القائد «إسرائيل» من مغبة استمرارها بأنشطتها العدائية في اليمن، وتوعدها بأقسى الضربات الممكنة - إن تجاهلت النصيحة ... عادة العصافير البليدة ألا تستمع لنقنقة الصقور إلا في الأوقات الضائعة، وبعد أن تكون قد وقعت في المصيدة. السعادة التي يشعر بها الصقر عند سماعه لزقزقة فريسته وهي بين مخالبه لا يمكن وصفها. إنه لمن الصعب حقيقة وصف سعادتنا بتهديدات «تل أبيب»!!
للسعادة أسبابها، الأسباب الحقيقية التي تغمرنا بالفرحة جراء تهديدات «تل أبيب» تعود للآتي:
أن هناك هوساً واضحاً بات ينتاب المسؤولين «الإسرائيليين»، خصوصا بعد الصمود الأسطوري الذي جسدته الصقور اليمانية في حرب ما بعد مارس 2015. هذا الهوس الفاضح أظهر حقيقة المعركة المحتدمة منذ 16 عاما تقريبا، وبيّن بجلاء أن وراء كل تلك الدماء التي سفكت والأشلاء التي قطعت بدءا بحرب مران 2004 لم تكن في حقيقتها سوى خدمة لأجندات «إسرائيل».
إن الأوراق التي راهن عليها التنين اليهودي في قمع مشروع «الصرخة» بمراحله الأولى قد فشلت. التنين ظهر علينا بذيل متعجرف في بداية الأمر ومن الواضح أن ضرباتنا الحيدرية الفتاكة قد حولته في لحظة تاريخية فارقة إلى «حرباء» مُنهكة.
لقد انتصرنا، الحقيقة التي تكشفها تهديدات الباحثين «الإسرائيليين»، وهم المعروفون بقربهم من دوائر صناعة القرار السياسي والعسكري في «إسرائيل»، بأننا حققنا نصرا مظفرا في حربنا ضدهم حتى الآن... الجولة الأخيرة على الأبواب.
آلاف الطائرات المسيرة ذات المخالب الحادة مهيأة للانطلاقة نحو ما بعد الضفة الأخرى من البحر الأحمر. الضفة، التي قال عنها قائد الثورة في سبتمبر 2017 إنها باتت موطئ قدم لضربات صواريخنا الباليستية، لم تعد في استراتيجية الحرب القائمة إلا هدفا ثانوياً. الهدف الرئيس هو ما جاء على لسان رئيس الاستخبارات العسكرية قبل نحو 3 أشهر: ملاجئ وسراديب «تل أبيب» وبقية مدن «إسرائيل» في الوقت المناسب في خبر كان.
القانون الطبيعي الذي سارت عليه البشرية منذ آدم وحتى اليوم، أن الدم = الدم. هذه المعادلة المُنصفة هي عنوان معركتنا القادمة ضد «إسرائيل». عندما يطلق «الإسرائيليون» أسماء معاركهم في اليمن على أشجار يمنية أصيلة: «معركة شجرة تنين الدم»، فمن حقنا أن نواجه هذه المسميات بصلابة منقطعة النظير. إذا كانت الدماء اليهودية قد اختلطت بالدماء الأفريقية والأوروبية في شعاب باب المندب خلال ضربات توشكا «شعب الجن»، فإن دماء هذه المعركة المؤملة لن تكون إلا دماء يهودية بحتة وفي أعماق «إسرائيل».
أقسى الضربات الممكنة ستطال «إسرائيل» إن عاجلا أم آجلا، المسألة محسومة سلفا، ولا قلق من هذه الناحية. لقد جاهدنا كثيرا من أجل هذه اللحظة التاريخية التي نسمع فيها هذيان «تل أبيب» على المنابر الإعلامية، ودفعنا من أجل ذلك ضريبة باهظة من شحمنا ولحمنا ومستقبل أجيالنا، ولن يعوض هذه الضريبة الظالمة إلا زوال «إسرائيل»، والأيام بيننا.

أترك تعليقاً

التعليقات