سؤال ينتظر الإجابة العاجلة
 

عبدالرحمن هاشم اللاحجي

وسط ضجة إعلامية هائلة، وتحركات قتالية غير مسبوقة على أرض الميدان في عدد من المحافظات اليمنية (الواقعة تحت النار)، دخل وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه وزير الخارجية الأمريكي في مؤتمر صحفي بالعاصمة العمانية مسقط، مساء الاثنين الماضي، حيز التنفيذ، الأمر الذي يهدد بنسف جميع الجهود الدولية الهادفة للسلام في اليمن، ويضع المبادرة الأممية للرباعية الدولية أمام امتحان هو الأصعب منذ الإعلان عنها في مؤتمر لندن السابق بشأن اليمن. 
الدعوات التي أطلقتها الرباعية الدولية على لسان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بوقف النار، ليست الأولى التي تقابل بتعنت فاضح من قبل الأطراف الراديكالية المتطرفة في اليمن، فقد سبقتها دعوات مماثلة أطلقها نفس المسؤولين السياسيين الدوليين المنخرطين في المشكلة اليمنية العالقة، من (لندن) إلى (نيويورك)، ومن (الرياض) إلى (أبوظبي)، لكنها قوبلت جميعها بالرفض والتنصل، على أن الجديد هذه المرة هو أن هذا الموقف لم يكن متستراً ومتخفياً كالعادة، بل كان فاضحاً ومكشوفاً، وعلى لسان وزير الخارجية في حكومة المطرود هادي، عبد الملك المخلافي، حينما رد على مبادرة (كيري) قائلاً بأن (دعوات كهذه لا تعنيهم)!
الحكومة اليمنية القابعة في فنادق الرياض، وصلت محافظة مأرب على رأس وفد يضم رئيس وزرائها أحمد بن دغر، وعلي محسن، وآخرين، في تحدٍّ واضح لجهود السلام الدولية المبذولة في اليمن، وتأكيداً لما أطلقه المخلافي من تصريحات شاذة تجاه الرغبة الدولية بإيجاد حل جذري وسريع ينهي المشكلة اليمنية العالقة، كما أن وسائل الإعلام المحلية والدولية تناقلت صوراً لمشاهد السحل والإعدامات الجماعية التي حدثت في شوارع وأزقة تعز، قبل وبعد الهدنة الأمريكية المزعومة، وفي صورة لا تختلف إطلاقاً عما شاهده العالم من مجازر مقززة بحق الإنسانية عقب توقيع اتفاقية جدة التي نصت في أحد بنودها على: (تأمين انسحاب الجيش اليمني من محافظة تعز)، وبالإضافة لذلك فالطائرات السعودية لم تتوقف عن التحليق، والقصف، منذ الوهلة الأولى لدخول إطلاق النار حيز التنفيذ.
المشكلة اليمنية العالقة وصلت حدها النهائي بدخول الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا طرفاً أساسياً فيها، لأن هاتين الدولتين، وخصوصاً أمريكا، ضالعتان بشكل مباشر في الحرب على اليمن، وإن حاولتا التستر خلف عناوين مخادعة كالدعوة إلى إنهاء الحرب بين (اليمن والسعودية)، وتشكيل حكومة يمنية قبل حلول العام الجديد  2017، وغيرها من الوسائل التي تقدمها على أنها (حمامة سلام)، فإن ذلك لا يعفيها من المسؤولية المباشرة عن قتل الأطفال اليمنيين الذين يقتلون يومياً ببقايا الأسلحة العنقودية والانشطارية التي تحمل ماركاتها وعلاماتها المسجلة، وما أكثرها!
المملكة العربية السعودية نفسها دفعت بكل وسائلها وإمكانياتها (حتى أوشكت خزانتها على الإفلاس) لخوض عدوان بربري غاشم على اليمن، فأنشات التحالفات (العربية - العربية) و(العربية - الأجنبية)، وذابت فيها، واشترت المواقف الدولية والذمم المحلية الداخلية، وتسترت خلفها، وحشدت الجيوش الهجينة من مختلف أقطار العالم، وحاربت باعتبارها جزءاً من تلك الجيوش وليست كلها، ورفضت إجراء مفاوضات مباشرة مع أعضاء الوفد الوطني أكثر من مرة، لكنها وجدت نفسها في لحظة فارقة مضطرة للجلوس، خصوصاً بعد أن طالت الصواريخ اليمنية عمق مدنها، ووصلت أقدام الجندي اليمني الحافية إلى داخل نجران وجيزان وعسير، فأرسلت لهم متوسلة وقف إطلاق النار، ولأنها لم تحسن استثمار الفرصة جيداً، أصبحت في قبضة الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها (طرفاً أول) في المشكلة اليمنية العالقة، لا طرفاً للإصلاح وردم الهوة بين اليمنيين.
الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تتحملان كامل المسؤولية تجاه خروقات الأطراف المتطرفة لوقف النار، لأنها خروقات خارقة للعادة، كونها تأتي على إيقاع المواقف الواضحة الرافضة للشروع في الحل السياسي، فما هي الوسائل والتدابير التي اتخذتها لمعالجة تلك الاختلالات؟!
سؤال ينتظر الإجابة العاجلة.

أترك تعليقاً

التعليقات