عته أولاد زايد.. إلى أين؟!
 

عبدالرحمن هاشم اللاحجي

عبدالرحمن اللاحجي / لا ميديا

في الحروب هناك رسائل مشفرة يبعثها أحد الخصوم باتجاه الآخر. تمثل هذه الرسائل - في الغالب- حيثيات أو تصورات لما قد تؤول إليه سيناريوهات المواجهة في حال قرر الطرف المتلقي المضي في خيار المقامرة والتصعيد. 
وتزداد أهمية هذه الرسائل الاستباقية الذكية عندما يكون الهدف من الحرب هو: السلم بحد ذاته، فالطغاة والمتوحشون ليسوا بحاجة للقيام بمثل هذه الطريقة الفعالة لردع خصومهم، أكثر من حاجتهم لإرواء عطشهم من دماء الأطفال، ودموع الثكالى.
إنها طريقة احترافية جديدة على الحروب التي شهدها العالم في حقبة القرون الأزلية الماضية، فأن تُشعر خصمك بمكامن ضعفه أولاً، ثم تظهر له بعضاً من نقاط القوة لديك ليتحاشاها في المستقبل، وينأى بنفسه وشعبه عن الاصطدام بك، فأنت بذلك تبرهن على مدى عفويتك، وسمو المقصد الذي تناضل من أجله.
ليسمح لي القارئ الكريم - من فضله- وقبل الحديث عن ماهية هذه الرسائل وأهميتها الزمانية والمكانية، وما يمكن أن تؤول إليه نتائج الحرب المستعرة منذ سنوات- في حال تم تجاهل هذه الرسائل- أن أتطرق الى نقطة هامة تتعلق بالخصم المناوئ، هذا الخصم الهزيل الذي أدهش العالم بوهنه وركاكته.
في بداية المشهد ظهرت أسراب إماراتية مهجنة -أثناء احتلال الجنوب اليمني- نافشة ريشها، متوهمة أنها تمكنت من كسر إرادة المقاتل اليمني العظيم، حينما دخلت على حين غرة الجنوب اليمني المحتل تحت مزاعم (التحرير)، حينها وصفت وسائل إعلام عدوانية المقاتل اليمني بـ(العار)، مع أن العار ليس أن يدخل عدوك الى دارك رغم أنفك، إنما العار هو أن يخرج سالماً أمام عينيك! 
وبالفعل لم تمض سوى أشهر معدودة حتى تعرضت هذه الأسراب لمصيدة محققة في صحن الجن بمحافظة مأرب، لم يخرج منها إماراتي (ناجياً) على الأقل، لقد أُجبرت دويلة الإمارات على تنكيس أعلامها، وخيم الحداد أكثر من 3 أيام على سفاراتها المنتشرة حول العالم، ليعرف الجميع حقيقة هذا العار، وكيف تمكنت سلطات الإمارات -بسذاجة- من جلبه لذاتها من ناحية، ولأبناء شعبها من ناحية أخرى.
وبالطبع لايتحمل الشعب الإماراتي الشقيق مساوئ نظامه الفاشي المتعجرف، عندما قرر صبيان زايد تزعم الحرب على اليمن، لم يخبروا أبناء شعبهم بالأمر، ولم يشاوروا رفاقهم في السلطة من آل مكتوم، وآل النعيمي، والشرقي، وهذا ما يفسر التحركات العقلانية التي قام بها أمير دبي محمد بن راشد، في أوساط الأسر الخليجية الحاكمة، خصوصاً بعد وصول طائرة (صماد3) اليمنية الى مطار دبي، قبيل عيد الأضحى المبارك -هذا العام- فهؤلاء الأمراء أدركوا متأخرين خطورة ما أقدم عليه صبيان زايد حين قرروا المضي بالإمارات مجتمعة نحو (غياهب الجُب).
لقد تعرضت دويلة الإمارات لصدمات تاريخية متتالية على يد المقاتل اليمني الفذ، كان آخرها محرقة الساحل الغربي التي جعلت من المدرعات الأمريكية الفاخرة (أضحوكة العصر)، وأجبرت دولاً عديدة على مراجعة مواقفها، كالسودان وماليزيا وقطر، ومغادرة أوهامها، ومن المؤكد أن هذه القائمة ستطول إن استمرت العجرفة الإماراتية ماضية في دهاليز الظلام.
في بداية ديسمبر من العام الفائت، بعثت القوة الصاروخية اليمنية على ظهر (بركان H2) رسالة عاجلة الى قلب مطار أبوظبي، كانت هذه الرسالة بمثابة (جرس إنذار) يحذر من القادم المرعب إن لعب الظبي الإماراتي المتوهن بذيله، وعاد لاستفزاز الأسود اليمانية من جديد، لكن هذه الرسالة قوبلت بالتعنت والمكابرة، ووصفت (بالدعاية الكاذبة) التي تحاول من خلالها حكومة صنعاء التغطية على حالة الانفلات الداخلي آنذاك، حد وصفها، كما قوبلت رسالة أخرى حملها صاروخ من ذات الطراز، الى نفس المكان، في بداية خريف العام نفسه 2017.
أن تكون مقامراً أحمق يعني أن تكون (إماراتياً)! كم من الحماقة والطيش التي ارتكبها أولاد زايد منذ بداية ورطتهم في اليمن وحتى اليوم؟! وكم هي المليارات من الدولارات التي أنفقوها في حرب عبثية لم يخرجوا منها سوى بالخسران المبين؟ لقد كانت رسائل براكين H2، ومحارق صحن وشعب الجن والساحل الغربي، وغيرها من النكبات المريرة التي تجرعوها، كافية ليراجع أطفال ترامب حساباتهم جيداً، ويتوقفوا عن مقامراتهم الجنونية في أرض مشتعلة، وسماء لا ترى فيها سوى شواظ من نار تلاحق الشياطين أينما حلوا. 
وعندما وصلت الرسائل المبتعثة الى أبوظبي الى طريق مسدود، وأساء المعنيون فهم أبعادها، كان من الضروري أن تتجه نحو دبي (الإمارة الفارهة)، ولقد حملت (صماد 3) هذه الرسالة، وأوصلتها بجدارة الى قلب المطار، تاركة بصماتها الصمادية المذهلة على أجنحة إحدى الطائرات الإماراتية، لكنها أيضاً قوبلت بالتجاهل والتصعيد، وإن كان البعض قد فهمها وحاول تلطيف الأجواء كما هو الحال في التحركات التي أجراها محمد بن راشد آل مكتوم داخل الأسر الخليجية الحاكمة بدءاً من الكويت، كما قلنا سابقاً. 
إن هذا العته الفادح الذي أبداه أولاد زايد في تعاطيهم مع رسائل القوة الصاروخية والجوية اليمنية، جعل هذه الأخيرة تعلن قبل أيام عن منظومة صاروخية جديدة سمتها (جهنم1) يصل مداها الى نحو 1800 كيلومتر، ما يعني المقدرة الفائقة على ضرب أهداف قوية وحساسة في العمق الإماراتي. إن تجاهل هذه الخطوة التحذيرية الأخيرة يعني أن الإمارات من رأسها الى أخمص قدميها ستكون تحت رحمة جهنم في قادم الأيام، فليس بعد حياة (البرزخ) إلا حياة البعث والنشور، ولا تحضر النار إلا بدءاً من مرحلة البعث، فهل أعد أولاد زايد أنفسهم ليوم حساب كهذا؟!
الجواب طبعاً على طاولة جنيف.

أترك تعليقاً

التعليقات