دعوها فإنها مأمورة
 

عبدالرحمن هاشم اللاحجي

تجاهلت السلطات السعودية الحديث عن صاروخ (بركان 2) الذي حل ضيفاً على غرب الرياض، عشية الاثنين الماضي، وتحديداً منطقة المزاحمية، حيث القاعدة العسكرية الأكبر لمملكة الشياطين. بعدها بأيام انتشر الخبر كالصاعقة في أوساط الرأي العام الدولي والمحلي، وخصوصاً في أوساط الشعب السعودي الذي أصيب بحالة من الإرباك والحيرة، وعندما عرفت السلطات السعودية أن سكوتها لم يعد مجدياً، سارعت قناة (الحدث) الفضائية باستضافة الناطق باسم التحالف أحمد عسيري، وسألته على عجل عما يردده الحوثيون من أخبار وصلت مسامعها أرجاء الدنيا؟ فرد بالقول: إن على المواطنين السعوديين ألا يلتفتوا إلى ما يقوله الحوثيون، وأن ما هو حقيقي وصحيح هو ما يصدر ببيان رسمي من القصر الملكي في الرياض!
حسناً.. هذا جيد، أقصد أن السياسة الإعلامية التي انتهجتها السلطات السعودية تجاه الحدث الهام، كانت ممتازة ورائعة، رغم أنها كشفت وبوضوح عن حالة الإرباك والتخبط التي يعاني منها النظام والمواطن السعودي على حد سواء، ولكن السؤال المطروح: هل تستطيع السلطات السعودية إخفاء الصواريخ الباليستية التي من المؤكد أنها ستهبط في الرياض وما بعد الرياض في القريب العاجل؟ وماذا عن الطائرات بدون طيار اليمنية التي ستخترق أجواءها؟ كيف ستتعاطى تلك السياسات الإعلامية معها؟ وماذا عن الابتكارات المدفعية اليمنية التي ستلتهم الطائرات السعودية في الأجواء اليمنية؟!
نتكلم عن السلطات السعودية التي تحاول التهرب من الحدث بتضليله على البسطاء من المواطنين السعوديين المحترمين، أما السلطات الإماراتية فإن صاروخاً يمنياً واحداً قد يسقط في صحراء الربع الخالي، كفيل بسحق كل تلك الحضارة الزجاجية في غمضة عين، بمعنى أنه لن يكون بمقدورهم إخفاؤه مهما حاولوا!
في الحروب الـ6 على صعدة، كانت مغالطات الإعلام اليمني الرسمي لمجريات الأحداث الحقيقية في صعدة وعمران، أحد أهم وأبرز العوامل التي أدت إلى انشداد الرأي العام الدولي والمحلي إلى أبناء صعدة، أولئك البدو المساكين الشجعان الذين واجهوا بصمت وإباء كل مكائد النظام، فأعجبوا بشجاعتهم وصمودهم وسكوتهم في أغلب الأحيان، واتضح للمواطن اليمني دناءة وقبح الطبخات الإعلامية الرسمية آنذاك.. ساعد ذلك على تمدد حركة أنصار الله، واتساع نفوذها على الرقعة الجغرافية اليمنية، بسرعة فائقة، وبدون تكلفة أو جهد كبير!
قلنا منذ بداية المعركة إن الإعلام السعودي ينتهج نفس سياسة الإعلام الرسمي سابقاً في التضليل والخداع، وهذا الأمر ينعكس سلباً على علاقته بالمواطن السعودي الذي يعيش حالة لا تختلف عن حالة الانشداد والذهول التي عاشها المواطن اليمني في السابق، ثم ستزداد تلك العلاقة سلباً عندما يصحو المواطن السعودي الغلبان على دوي انفجارات باليستية يمنية تجتاح المدن والمطارات السعودية، ويسمع بأم أذنيه أزيز طائرات بدون طيار اليمنية تجتاح سماءه دون سابق إنذار، ويراها تتمايل وتتراقص وتحلق أمام عينيه، وحينها فقط سيتحول الحديث حول الشهب والنيازك وضربات الشمس إلى لعنات تطارد الملوك والأمراء السعوديين وتقض مضاجعهم!
إن هذا الأمر يزيد قناعاتنا بأن ما يدبره الله لليمنيين جميعاً هو نفسه ما دبّره لأبناء صعدة الشرفاء، فالمقارنة تبدو قريبة جداً، كما أن النهاية باتت أقرب من أي وقت مضى.
دعوها فإنها مأمورة.

أترك تعليقاً

التعليقات