من نحارب؟ ولماذا؟!
 

عبدالرحمن هاشم اللاحجي

عندما كانت الحرب العالمية الأولى في أوج اشتعالها كانت الأنظار اليهودية الخبيثة تتجه ناحية فلسطين. وعندما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وأصيبت القوى المتحاربة بحالة من الإنهاك المعنوي والمادي تحرك المشروع اليهودي بقوة داخل الأراضي المحتلة مرتكباً جريمة تاريخية شنعاء عُرفت بنكبة الجلاء 1948.
تحتفل البشرية اليوم، على اختلاف أعراقها وألوانها وثقافاتها، بذكرى مرور مائة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى، في حين تكثف الدبلوماسية الإسرائيلية رحلاتها المكوكية إلى مختلف الأقطار العربية والعالمية من أجل تهيئة المناخ الدولي لقبول صفقة القرن، وإنجاح مشروع التطبيع، الأمر الذي يعني أن هذا الاحتفال الكبير ليس إلا بشارة سيئة تنذر بما هو أفظع!
حسب آخر الإحصائيات الدولية فإن أكثر من مائة مليون شخص (معظمهم من الأبرياء) لقوا حتوفهم خلال القرن السابق بسبب الأطماع اليهودية الملعونة الرامية لاضطهاد الشعوب العالمية وفي مقدمتها الشعوب العربية والإسلامية. فإذا كان هذا العدد المهول قد ذهب أدراج الرياح مقابل حصول اليهود على (وعد بلفور) (إجلاء الفلسطينيين)، فكم هي الضريبة الفعلية التي سيحتاجها العالم اليوم من أجل إقامة دولة إسرائيل؟!
إن الغرض من هذا التساؤل البديهي ليس الاعتكاف على حسبان الخسائر المتوقعة كما هو حال (البائع بالدين)، بل القيام بوضع الحلول العملية المناسبة لمواجهة أم الكوارث اليهودية القادمة، لهذا ينبغي علينا كمعنيين بمستقبل الأجيال البشرية القادمة أن نشمر سواعدنا الفتية لسحق الأطماع اليهودية. وهذا هو بالضبط ما قمنا به، وسنظل نمضي عليه حتى لو صرنا رماداً.
 على تخوم البحر الأحمر يخوض المقاتل اليمني البطل ملحمة تاريخية فريدة في أحداثها وأبعادها الجيوبوليتكية العابرة لحدود الزمن والجغرافيا. لقد أدت هذه الملحمة البطولية غير المتكافئة كماً ونوعاً وتسليحاً إلى تحجيم رقعة الحرب العالمية الثالثة، والتقليل من خسائرها، وذلك حين أدخلت مشروع التطبيع اليهودي في مأزق عويص.
باب المندب رأس حربة في المشروع اليهودي، وفي حال تمكنت إسرائيل من افتكاك هذا الرأس، وحدّته جيداً، فإن طعناتها في الأجساد البشرية الطاهرة ستكون قاتلة هذه المرة. لقد بادر شعبنا اليمني العظيم بانتزاع السهم المسموم من اليد اليهودية اللعينة بعمليات خاطفة منقذاً البشرية من أتون حرب استعمارية طائشة لن تبقي لها أثراً.
ولم يتكتفِ فقط بانتزاع هذا السهم، بل وجهه مباشرة نحو خاصرة إسرائيل. إن استمرار العجرفة اليهودية في باب المندب من خلال الزج بمجاميع مهجنة من كل جنسيات العالم لاحتلال الحديدة وتهديد مينائها، يعني أن هذا السهم القاتل سيغمد حقيقة في خاصرة المشروع اليهودي اللعين، فإن لم يكن إلا الأسنة مركباً فما حيلة المضطر إلا ركوبها! 
ولا يعني هذا مطلقاً أن التحرك اليهودي في الساحل الغربي ذو تأثير فعال، فعلى مدى 4 أعوام تختلط الدماء الإسرائيلية والبريطانية والأمريكية، مع دماء شذاذ الأعراب ولفيف من مرتزقة الجنوب اليمني المحتل، دون أن تتمكن تلك الأنهار المتدفقة من الدماء من تحقيق أي إنجاز يستحق الذكر. غير أن الفشل العسكري الإسرائيلي المريب الذي يراد تعويضه بتدمير رافعات الميناء هو الشيء اللافت الذي يستحق أن يذكر هنا. لقد أعادت الأنفة الجبّارة للمقاتل اليمني الفذ الأمل للشعوب العالمية التي اضطهدها المشروع اليهودي المنتصر عقب الحرب العالمية الثانية، وليست المناورة الحربية الروسية - اليابانية الأخيرة في خليج عدن إلا مؤشراً واضحاً لبارقة الأمل تلك.
إننا نحارب لأننا المدافعون عن حرية الشعوب المضطهدة... تلك الشعوب المتباينة، التي دفعت شحمها ولحمها ومستقبل أجيالها من أجل المطامع اليهودية اللعينة، هي السبب الرئيسي وراء صمودنا وبسالتنا في ميادين القتال طوال هذه الفترة، وهي الخاتم السليماني الذي يمدنا بالقوة الخارقة - الضامنة لاستمرارية القتال حتى يوم القيامة.
قدرنا أن نحمل هذه الروحية العالية المنسجمة مع أساسيات ثقافتنا القرآنية التي نعتقدها، ولو لم نحمل مثل هذه الأرواح الصادقة لكان سقوطنا مدوياً في حربنا الأولى. إن على شعوب العالم التي عانت من الهوس اليهودي المتوحش أن ترفع رأسها، وأن تثق كل الثقة بأن في اليمن أبطالاً حقيقيين يخوضون ثورة عرمرمية كبرى بالنيابة عن كل أحرار العالم.
وفي مقدمة هذه الشعوب الحُرّة شعبنا الفلسطيني الصامد الذي يخوض حرباً بطولية مقدسة ضد العدو الإسرائيلي المارق منذ وعد بلفور، وحتى الاعتداء الأخير على غزة. لقد أسهمت الصورايخ الحمساوية الجهادية المنهمرة بغزارة على إسرائيل خلال اليومين الماضيين في تعكير المزاج اليهودي. وإلى جانب تلك الضربات الحيدرية تجهز القوة الصاروخية اليمنية مفاجآتها العظمى التي -بدون أدنى شك- ستحول أحلام إسرائيل إلى بقايا سراب.
إنها (صفعة القرن) التي جعلت من النائب اليهودي البريطاني المتطرف جراهام يتنبأ بحدوثها مبكراً، ويخرج عن صمته أمام النواب البريطانيين محذراً من تداعياتها المستقبلية قائلاً: (الحوثيون يشكلون خطراً وجودياً على كوكب الأرض). مثل هذه التصريحات الفاضحة تكشف بجلاء عن الخطر اليهودي المتربص الذي يتهدد مجموعة درب التبانة بأسرها، فالحوثيون لا يعادون سوى اليهود، والمشروع الإنساني (القرآني) الذي يناهض المشروع الشيطاني (اليهودي)، هو المشروع الذي يحمله الحوثيون ويحاربون من أجل إقامته، فمن هو الخطير إذاً؟!
اليهودي ليس إنساناً، لو كان إنساناً لما سفك دماء عشرات الملايين من البشر من أجل تحقيق أحلامه العنصرية المريضة. اليهودي بالأحرى وحش، وورم سرطاني يجب أن يُستأصل. لقد دعت الرسالة النبوية الرحيمة إلى اجتثاث هذا الورم الخبيث من جسد الإنسان، وحاربت كثيراً من أجل استئصاله، وعلى ذات المنوال تتواصل معاركنا التاريخية التي توقفت عند (خيبر)، معلنين وبالله التوفيق وتحت ذات الراية النبوية التي نحتفل بعد أيام قليلة بولادتها استئناف مشوارنا التحرري العظيم.

أترك تعليقاً

التعليقات