عبدالرحمن هاشم اللاحجي

قبيل إجازة عيد الفطر المبارك، وبالتزامن مع عودة رئيس الوزراء في ما يعرف بالحكومة اليمنية المُقالة خالد بحاح، نشر موقع (سكاي نيوز) التابع للإمارات، خبراً هاماً بعنوان: (خريطة عسكرية جديدة في اليمن).
وكشف الخبر، الذي تناقلته وسائل إعلامية عدة، عن (تفاصيل الخطة العسكرية الاستثنائية التي ينفذها 12 لواءً عسكرياً تابعاً للمنطقة الرابعة بمحافظة عدن اليمنية، والتي يبلغ تعدادها آلاف المجندين المدربين والمجهزين بأسلحة نوعية حديثة)، ويُفيد بأن (جزءاً من هؤلاء الجنود نُقلوا من مدينة عدن في أواخر شهر رمضان إلى خطوط التماس الواقعة بأطراف مدينة تعز - سيما في مقبنة والوازعية وكرش- فيما نُقل الجزء الآخر إلى جبهة مُكيراس ومريس وجبل مرثد المطل على محافظة أبين). واختُتم الخبر بالإشارة إلى أن (قوات الشرعية المتواجدة في محافظة مأرب تستعد حالياً للسيطرة على مدينة صرواح عاصمة المحافظة، والمعقل الأخير للحوثيين).
حتى الآن لا يبدو أن هناك أفقاً واضحاً أو حتى مُعتماً لنجاح العملية العسكرية الكبيرة، فبالرغم من الاندفاعة المستميتة التي نفذتها وحدات عسكرية تابعة للإمارات والسعودية، والتي تضم خليطاً من الإخوان المسلمين وجيوشاً من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية، خلال الأيام الـ5 الماضية، صوب مدينة صرواح، إلا أنها تعرضت لضربات موجعة من قبل الجيش اليمني واللجان الشعبية، أجبرتها على الاندحار، والتراجع إلى نقطة الصفر.
وما ساعد على ذلك، هي الضربات الخاطفة التي نفذها سلاح الجو الإماراتي -عن طريق الخطأ- حيث أدت 3 غارات متتالية إلى مقتل العشرات من الجنود والضباط المقاتلين في صفوف ما يسمى الشرعية، كما تحدثت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية عن مقتل قيادات رفيعة في جماعة الإخوان المسلمين، بأيدي قناصة ماهرين في الجيش اليمني، عندما حاولوا التقدم صوب مركز المدينة، وما يزيد الطين بلة هو أن عدداً منهم لقوا حتفهم إثر انقلابهم بسيارة عسكرية أثناء محاولة الفرار من جحيم المعركة.
من الواضح أن خطوط التماس في محافظتي تعز ولحج، لم تشتعل على النحو المتوقع، خصوصاً وأن أعداداً كبيرة من قوات المنطقة الرابعة - إن لم يكن كلها - كانت قد توجهت إلى تلك المناطق الحساسة المطلة على باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية القصوى للعالم، وحتى اشتعال جبهة مأرب لم يكن في المستوى المطلوب؛ فهذه الجبهة سرعان ما أخمدها الجيش اليمني في أيامها الأولى، رغم اغتيال العميد حسين السقاف قائد اللواء 312 التابع للجيش اليمني، عشية عيد الفطر المبارك. كما أن المحاولات الدؤوبة والمستمرة لقوات ما يسمى الشرعية بالسيطرة على المواقع العسكرية المطلة على مركز المدينة، تبوء دائماً بالفشل الذريع!
من هنا، نستطيع الاستنتاج بأن ما ورد في الخبر لم يكن سوى محاولة تمويهية؛ للتقدم عبر جبهات أخرى، وأن تبادل الأدوار بين المملكة السعودية، والإمارات المتحدة، بات مكشوفاً أمام المتابعين والمحللين، لكن هذا الأمر لم يكن لينطلي على قيادة الجيش اليمني التي أدركت منذ البداية حجم الخطر الوشيك، ومكانه، وتوقيته، وابتكرت لردعه العمليات المناسبة في اللحظات الأولى للمواجهة.
رئيس المجلس السياسي الأعلى صالح الصماد، كان ذكياً عندما غادر القصر الجمهوري صباحية العيد، وحزم عدته الحربية وطار إلى جبهة جيزان، ولم يتجه صوب مأرب أو تعز أو البيضاء؛ وكأنه كان يشعر بأن الخطر الحقيقي المُحدق سيأتي من ذلك المكان، وليس من أي مكان آخر؛ وهو ما حدث بالفعل!
عشرات الآليات العسكرية المحملة بمئات الجنجويد، أحرقت بمن فيها، في صحراء ميدي عندما حاولت الدخول عبر منفذ حرض الحدودي، وهو المنفذ الذي لم يذكره الخبر الخاص بموقع (سكاي نيوز) الإماراتي، ليتضح للجميع أنه كان موفقاً عندما أشار بإصبعه السبابة صوب الداخل السعودي، كمن يريد أن يوصل رسالته للأعداء قبل الأصدقاء، وقد وصلت تلك الرسالة، لكننا لا نعتقد بأنهم قرأوها جيداً.
إعلاميون، وناشطون زاروا الجبهات خلال إجازة العيد، وخرجوا بانطباعات ممتازة عن زياراتهم، وكتبوا عن ذلك بطريقة جميلة وجذابة على مواقع التواصل الاجتماعي، عكست الروح المعنوية العالية التي يتمتع بها المقاتل اليمني الصامد منذ قرابة العامين والنصف، واستعداده لمواصلة الكفاح حتى النهاية.
وفي الخلاصة: فإن الموازين التي أرادت السعودية والإمارات فرضها على الأرض بالقوة تمهيداً لإجبار خصومها على القبول بتسوية سياسية مجحفة يكون بحاح رأس الهرم فيها، قد انعكست في صالح الجيش اليمني واللجان الشعبية؛ الأمر الذي يرفع من سقف توقعاتنا بأن بحاح سيغادر هذه المرة حافي القدمين، وقد لا يجد حتى (خُفي حُنين)؛ ليحتذيهما.

أترك تعليقاً

التعليقات