عبدالرحمن هاشم اللاحجي

عندما تشعر بالتعاسة والأرق، ويضيق عليك الأفق، وتصبح شارد الذهن، مشتت الأفكار، فإن علماء النفس ينصحونك بأن تحدّق كثيراً في طائر (الطاووس) الجميل وهو يطلق ريشه المتلألئ كأقواس المطر في سماء صافية قد ذهبت عنها الغيوم وأصابتها بوابل أنعش جميع كائناتها الحية، وأعادها للحياة مجدداً، فهم يعتقدون - والكلام هنا مازال عن علماء النفس - بأن قيامك بعمل كهذا سيجلب إليك السعادة والبهجة، وينسيك بعضاً من همومك وأحزانك. ومع أن نصيحتهم قد تكون سليمة، أو نصف سليمة، أو قد لا تصح من الأساس، فإن المتابعين والمحللين لا يختلفون إطلاقاً بأنك إن مررت بفترة (ترهل) أو (جمود) أو (قُصر نظر) وأنت تواجه شياطين العالم في حرب جنونية وطائشة أوشكت على دخول عامها الثالث، فعليك أن تقرأ جيداً عن مواقف وتضحيات (طاووس) من نوع آخر، قد تُعيد إليك تلك الروح المتلهفة في سماء الانتصار، إنه (أبو عادل الطاووس).
هذا الرجل الاستثنائي الحكيم، والفارس القائد الفذ، الذي تعرفه ميادين البطولة والنزال أكثر من كاميرات الإعلام، وأقلام الكتاب، وشاشات التلفزة المختلفة، دائماً يدهشك بحنكته القيادية الذكية، ودقة وسلامة خُططه، وأفكاره العسكرية وغير العسكرية التي تُصيب الأعداء بنوبات دماغية في أكثر الأحيان، وتجعلهم يغادرون أوهامهم، ويراجعون حساباتهم، ويقلبون أفكارهم الخبيثة أخماساً وأسداساً إضافية قبل التفكير بالإقدام عليها، فمن عايش هذا الرجل أو حظي بالقرب منه سيتعلم الكثير من الخصال الحميدة، والمناقب الرصينة، والقيم العظيمة التي تؤهله ليُصبح مستقبلاً (مدرسة متكاملة لصناعة القادة وتأهيل العظماء).
يجمع (الطاووس) بين الدهاء والحنكة، والشجاعة والنُّبل، والكرم والحرص، والشدّة واللين، ويعرف جيداً ماذا، ومتى، وأين، ومع من يتحدث؟ وكيف يتحرك؟ وبماذا، وأي الأدوات والوسائل يواجه ويقاوم؟ وتساعده في ذلك دماثة أخلاقه، وسعة صدره، وشهامة طباعه، وبداهته الخارقة في اقتناص الرجال ومعرفتهم، والتأثير عليهم، كما أن لانفعالاته واهتماماته المدروسة والموجهة دوراً كبيراً في تربية الرجال من حوله، وفي تصحيح أخطائهم وتوجيهها، وهو الأمر الذي أكسبه محبة قوية في قلوبهم وقلوب أبناء محافظة ذمار بشكل عام.
وصل (الطاووس) إلى مدينة ذمار قبل نحو 5 أعوام، في مرحلة مُعتمة وشاقة، محملاً بعبء كبير من السيد القائد (حفظه الله)، فقد حمّله مسؤولية كُبرى تمثلت بتهيئة الساحة، وإعداد أبناء المحافظة الهامة روحياً -جهادياً. ومع أنه استطاع أن يحقق ذلك الهدف بسهولة، وخلال فترة وجيزة، إلا أنه واجه ملفات خطرة وشائكة تصدرت قائمة أولوياته واهتماماته، فقد وصل إلى محافظة مبعثرة، ومفرقة، حكمتها جماعات النهب والإقطاع خلال فترة الحكم البائد، وكثرت فيها التقطعات القبلية، وانتشرت فيها الأعراف غير الحميدة، وسادتها قضايا الثأر والنزاعات المختلفة. ولأن نفسية الرجل لا تعرف الوهن أو الضعف، فقد تحرك بروحية القائد العظيم، ونفسية المُربي الناجح، وتمكن بمساعدة ثلّة قليلة من أعوانه وأقرانه الأبطال، من إنهاء أغلب تلك المظاهر والقضايا، وبسرعة البرق الخاطف. ومن يعرف القطاعات التي استمرت على طريق (بني سلامة) بمديرية آنس لعقود من الزمن (كأبسط الأمثلة)، دون أن تستطيع الجهات المختصة إزالتها أو القضاء عليها، وهي في أزهى مراحلها التاريخية، سيعرف جيداً أن هدية السيد القائد لأبناء ذمار كانت (باهظة الثمن).
الحديث حول هذا الطائر الجميل واسع وكثير، ولا تسع بعض الكلمات المتلألئة لتفيه بعضاً من سجاله أو خصاله، إنما يكفينا هذه المرة أن نتفنا ريشة واحدة من مروحته البديعة، ومن المؤكد أننا سنصنع ذلك ثانية، وثالثة، و... للحرف بقية.

أترك تعليقاً

التعليقات