الحريق اللبناني القادم!
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
لا يمكن اعتبار خبر إنهاء شركة جهاد العرب أعمالها في لبنان ومغادرتها البلد خبرا عاديا. هذا الرجل الذي سمي "متعهد الجمهورية" هو أحد أهم أذرع الحريرية الاقتصادية في البلد، إلى جانب الذراع المالي الذي اقترب من المغادرة هو الآخر، أي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
إذا كانت الحريرية بناءً سياسياً فوقياً، فإنها دون "العرب" و"سلامة" بنيان دون ركائز أو أعمدة.
هذا الكلام ينقلنا إلى تعريف هذه الزعامة "السنية" التي أتت كحبة كرز على قالب حلوى النظام الرسمي العربي الذي شكلت "كامب ديفيد" والريوع الخليجية عنوانه الأبرز، والذي بدأ بالتفسخ الفعلي منذ العام 2003، ليكون العام 2011 عام انهياره الكلي.
لبنان، الذي شكل منذ العام 2005 إحدى حلقات الفوضى في الإقليم، بقي حتى العام 2019 واقفا على مداميك الحريرية الاقتصادية برغم ترنحها، وبرغم انهيار أسس الانتظام السياسي فيه.
اليوم، تنتهي الحريرية الاقتصادية، وتنتهي معها زعامة قدمت من خارج نادي زعامات باقي الطوائف اللبنانية، بحكم تمثيلها لـ"السنة" في لبنان. إذا كانت زعامات طوائف لبنان أو قراباته زعامات محلية تشكل امتداداً تاريخياً لمقاطعجية وعائلات، فزعامة السنة في لبنان وغيره من كيانات المشرق العربي لا يمكن إلا أن تكون صدى للمشروع العربي في الإقليم، وليس زعامة بجذور محلية قرابية. الحالة العربية العامة اليوم هي حالة استسلامية للمشاريع الأمريكية في المنطقة. هذه الحالة التي يراد تعميمها في الإقليم العربي تلقت هزيمة ميدانية صريحة في العراق وسورية، وهي تهزم في اليمن اليوم، وأبرز تداعياتها على صعيد الاجتماع السياسي في هذه الكيانات هي كسر "سنة" هذه الكيانات الذين كان القتال بهم وعليهم.
أحد أبرز وجوه الأزمة اللبنانية اليوم هي نهاية "الحريرية" كعنوان سياسي "سني" محلي لنظام عربي انتهى، وكترجمة لهزيمة "السنة" في سورية والعراق، وكتفريعة لأزمتهم.
الرعونة الأمريكية والخليجية اليوم تتجلى في الوهم بإمكان تعويض الهزيمة في سورية والعراق وفي الإقليم عموما بتسجيل نصر صريح في لبنان بعنوان "نواف سلام". "نواف سلام" ليس شخصاً، بل صدى للمشروع العربي الجديد القائم على محاولة دمج "إسرائيل" في النظام الإقليمي العربي.
مجددا يتم الرهان على القتال بـ"السنة" وعليهم، وطرابلس مرشحة لدفع الثمن الأكبر، فهل هناك من يتعظ مما حصل في الإقليم في عشرية النار الأخيرة؟!
الأمريكي في صراعه مع القوى المناوئة له قد يكون مستعدا لإحراق ما تبقى في الإقليم. الحريق اليوم هو في قلب لبنان، وقد يكون للمدن التي يقطنها "سنته" النصيب الأكبر منه.

 كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات