هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
أورد أحد الأصدقاء نقلاً عن الإعلام اليمني خبراً عن نجاح مهندس يمني بتجميع جرار زراعي ضمن مبادرة يمنية هادفة إلى تقليل كلفة زراعة الحبوب وزيادة الإنتاجية واستصلاح الأراضي الزراعية، وذلك في إطار تخفيف تداعيات الحصار الدولي المفروض على اليمن. خلاصة ما تم استنتاجه أن القصة ليست معقدة وأن الصناعات التجميعية أو حتى ابتكار «موتير» ليس بالأمر الصعب وأن القصة مرتبطة أولاً وأخيراً بالتبعية، يعني بغياب الاستقلال الفعلي للقرار في أي دولة من دول الجنوب.
في تجربة شخصية، بادرت منذ سنتين إلى محاولة استصلاح أرض مهملة منذ سنوات في البقاع الشمالي وزرعها بالقمح. النتيجة كانت مخيبة، الأرض بعلية أولاً، والزراعة تمت بشكل بدائي، أعني دون دراسة ودون تسميد. المهم، فهمت حينها لماذا ترك جدي الأرض في السبعينيات ونزح مع عائلته إلى إحدى الضواحي للعمل في معمل لحجارة البناء.
في خطابه الأخير كان سيد المقاومة السيد حسن نصر الله هادئاً جداً. يبدو أن القطوع الذي مر على الحزب هاتين السنتين والذي استنزف طاقة الرجل قد انتهى. الهدوء مرده إلى سلامة التشخيص الذي وصل إليه الحزب والذي يمكن اختصاره بما نقل عن السيد بقوله إن العدو توهم أنه «بالحصار وبما يسمى الثورة» يمكن أن يحصل على ما يريد. هذا الاستنتاج ليس تفصيلاً بسيطاً في حزب بوزن الحزب الذي يمثله السيد. هذا يعني أنه في الكيانات التابعة ليس هناك ثورات، فما بالك بعالم تحكمه قوة إمبراطورية قادرة مثلاً على فصل دولة كبريطانيا من الاتحاد الأوروبي والإطاحة بالمستشارة الألمانية لتأتي بجماعتها المعولمة من حزب الخضر!
أبرز ما أتى على لسان السيد هو تحديد التموضع الفعلي للحزب في ضوء التشخيص التفصيلي لموقع الكيان اللبناني الخاضع كلياً للهيمنة الأمريكية.
إذن، لا تغيير فعلياً في واقع البلد. التغيير من الداخل وهم، والتغيير الوحيد الممكن يحتاج إلى تغيير في الخرائط والتوازنات، وهذا رهن بتغيير على مستوى العالم ينعكس في المنطقة وتنعكس إرادة أهل المنطقة فيه، تحديداً الأطراف الفاعلة في محاربة الهيمنة الأمريكية وتجلياتها في المنطقة.
هذا الخطاب يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما كتبته في المقدمة عن تجميع الجرارات ومحاولة زراعة القمح وحتى اشتراك مولد الكهرباء ومياه الخدمة والشرب والطعام والدواء وكل ما يمس يوميات أي مواطن لبناني أو عربي عموماً أو أيّ من سكان دول الجنوب الفقيرة.
في ذكرى الثورة الإسلامية، هناك درس تاريخي مستخلص، وهو أنك كي تنتج قمحاً وتنتج معرفة علمية وتوطن التكنولوجيا عليك أن تقاتل الهيمنة لأربعة عقود وتتحمل العقوبات والحصار وتقدم التضحيات، وعليك قبل كل ذلك أن تمتلك دولة بقوام إيران كسوق وجغرافيا وديموغرافيا، وهذه هي الحلقة المفقودة في واقعنا العربي.

أترك تعليقاً

التعليقات