كيف تدير حربا؟!
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
عمليا، الحرب انتهت في 14 نيسان/ أبريل. هذا التاريخ ألغى احتمال الحرب المباشرة الأمريكية الإيرانية، وثبت قواعد الحرب المعمول بها خلال الأشهر السبعة التي مرت.
أيضا وفي ظل نجاح حزب الله في تثبيت قواعد الحرب على جبهة شمال فلسطين وعجز «إسرائيل» عن خوض مغامرة الحرب المفتوحة المكلفة مع لبنان، لم يتبق للأخيرة سوى التلويح باجتياح رفح، كورقة أخيرة للابتزاز وممارسة الضغط على قوى المقاومة لدفعها للاستسلام.
يشبه محور المقاومة في هذه الحرب فرقة موسيقية متناغمة ومنسجمة من حيث الأداء وتوزيع الأدوار وتوقيتها. هنا لا يوجد صولو للعازف الفلاني ولا خروج عن إيقاع المعزوفة وعمل الجماعة. لا مجال للحديث عن جبهة لبنان وجبهة اليمن والعراق وإيران وسورية كوحدات فاعلة مستقلة، بل كوحدات تؤدي عملها ضمن منظومة واحدة متكاملة. هذا التناغم في الشهور السبعة الفائتة أجبر الأميركي مكرهاً على دفع «إسرائيل» لقبول نتائج حرب الاستنزاف، على قسوة نتائجها، وطالما أنه اتضح أن استهداف قلب المحور في طهران هو من المحظورات في هذه الحرب فإن إدخال شواطئ المتوسط في دائرة الاستهداف اليمني ودخول البحرين على خط المواجهة تعني أن للتعنت «الإسرائيلي» في وقف الحرب والابتزاز بورقة اجتياح رفح أثماناً أخرى سترغم «إسرائيل» على دفعها، هذا والمحور باعتقادي ضمن نسق الحرب القائمة لا يزال يحتفظ بأوراق كثيرة. هذا درس في كيفية إدارة الحروب اللامتماثلة: الصبر، النفس الطويل، المثابرة، العمل المستمر، والإيمان والإخلاص.
هذه الخصائص نجحت في قلب المنطق، والمنطق هو أن يفوز الأكثر تسليحا والأكثر قدرة على التدمير على الأقل تسليحا. ما حصل في هذه الفترة درس لكافة شعوب الجنوب. بخبرة 50 عاما من الحصار وبإمكانات ضعيفة وبمخزون حضاري وتاريخي هائل وإيمان كبير، تقدم إيران اليوم نتيجة خمسة عقود من العمل في وجه الإمبراطورية، عمل بدا في بدايته كمثل الحفر في جبل بإبرة.
 كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات