كرت محروق!
 

هيثم خزعل

هيثم خزعل / لا ميديا -
انتخاب الرئيس ليس إلا فصلاً جديداً من فصول محاولة تحويل لبنان إلى محمية أمريكية كاملة الأوصاف، محمية «للسفارة الأمريكية» بشكل أدق. هذه المحاولات تتوالى منذ العام 2019 دون أن تنجح. لم ينجح تحويل لبنان إلى محمية أمريكية في الماضي رغم وجود المارينز والمدمرات على الشواطئ اللبنانية، ولا هو نجح في العام 1982 رغم وجود القوات الصهيونية في العاصمة اللبنانية، وهو لن ينجح اليوم.
حوّلت الولايات المتحدة لبنان في سعيها لإحكام قبضتها عليه إلى أرض محروقة، مثله مثل سورية وليبيا واليمن وبقية الكيانات العربية الهشة.
تقدم فرنسا، التي لعبت تاريخياً دور «القابلة القانونية» في ولادة الكيان اللبناني، تسوية تأخذ بعين الاعتبار موازين القوى الدولية الحاكمة للحالة اللبنانية، وتبدو مبادرتها كسلم يقدم للأمريكي للنزول عن الشجرة. هو مسعى لا يخرب الاستراتيجية الأمريكية العامة في المنطقة؛ لكنه يقي لبنان، بصفته آخر موطئ قدم فرنسي في المشرق العربي، التفكك الكامل. ويبدو أن الأمريكيين مازالوا يصرون على محاولة استكمال انقلابهم الشامل، وهو انقلاب يعنى فقط بموقع لبنان الاستراتيجي في خارطة الصراعات الدولية في المنطقة. القبض على لبنان يعني إكمال الطوق حول الوجود الروسي في سورية ومنع إيران والصين بشكل أو بآخر من النفاذ إلى شواطئ المتوسط.
تأخذ المهمة الأمريكية في محاولة القبض على الكيان اللبناني عناوين عدة، من الإصلاح والفساد إلى العدالة لشهداء تفجير المرفأ وصولا إلى ديمقراطية صندوق الانتخاب اليوم في مجلس النواب.
في ظل هذه المساعي الأمريكية المستمرة والحيوية بالنسبة للولايات المتحدة، يفك جبران باسيل تحالفه مع قوة محلية كبيرة ذات وزن إقليمي، ليصبح ورقة أمريكية مجانية ترمى على طاولة الصراع المحلي في وجه خصوم الولايات المتحدة. باسيل (الكرت الأمريكي المجاني) لم يحرق مراكبه مع الحزب، هو أصبح بذاته في اللعبة المحلية «كرت محروق».

 كاتب لبناني

أترك تعليقاً

التعليقات