26 سبتمبر والتغيير الاجتماعي
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
يختلف احتفالنا هذا العام بعيد 26 سبتمبر عن كل الاحتفالات السابقة، فقد حلت الذكرى في ظل شموخ انتصارات الجيش واللجان الشعبية وبقرب زوال الاحتلال والعدوان، مرحلة هي انبعاث حقيقي لآمال عريضة وحياة واعدة بالخير والعطاء والإنجازات المصيرية، ومنعطف لا يستهان إطلاقاً بقوته وقيمته الوطنية.
إنه انبعاث حقيقي لا شك ولا جدال فيه، وسوف يسجل على صفحات تاريخنا الوطني بالإيجابية كلها، وبالصدق كله، وبالوفاء كله، تلك البطولات والمواقف الرجولية والإنجازات العسكرية المتواصلة التي تعتبر ثورة ثورتنا، وأفراح عيد أعيادنا، وعرس أعراس انتصاراتنا الرائعة، أشرقت ناصعة، واستوت واقعاً سوياً تكسوه ضمانات الاستمرارية والصلابة والإرادة حتى تحرير آخر جزء من وطننا الحبيب.
أبطال الجيش واللجان الشعبية نذروا أنفسهم لخلاص اليمن السعيد من الاحتلال والظلم والعدوان والذل والفساد والدفاع عن الثورة، عن أقدس قضية في الوجود وانتصارها في ساحات الشرف؛ نذروا أنفسهم من أجل وحدة الوطن وازدهاره وتقدمه وإعطائه دفعة جديدة وآمالاً حية في تحقيق الأهداف التي ناضل من أجلها كل شرفاء 26 سبتمبر، كل شهداء حركتنا الوطنية في كل مراحل تاريخنا الوطني الحديث.
مملكة الشر السعودية وضعت كل المعوقات والعوائق والموانع السياسية والعسكرية والاقتصادية وغيرها من العراقيل أمام 26 سبتمبر، بالتنسيق مع أدواتها في الداخل، أدوات لم تتمكن الحضارة والوطنية والضمير النقي من الولوج إلى أذهانهم ووجدانهم، وسعوا بدعم الاستعمار والسعودية وبإمكانياتهم الهائلة العسكرية والمادية للانقضاض على 26 سبتمبر وتمزيق القوى الوطنية وخلق حالة التناحر بين الفرقاء وإحداث شرخ في البيئة الوطنية وهتك العرف الإنساني والمفهوم الحضاري القائل بأن "الوطن وطن الجميع".
واستمر النضال طوال تلك المرحلة لتثبيت النظام الجمهوري. وترافق مع تلك المرحلة ما اتفق على وصفه بأحادية العمل والتفكير والنظرة والممارسة. وصبغت المرحلة بالعسف والاضطهاد والعنف والملاحقة، فحدث ما حدث من الحوادث المؤسفة التي انتهت بحالة الوهن والضعف، التي لحقت بعناصر القوى الوطنية وحلفائها من المثقفين والمناضلين الوطنيين الشرفاء، من جراء دساس ومكائد قوى الثورة المضادة، والانكسارات أيضاً داخل الصف الوطني نفسه بسبب غياب الديمقراطية مما سهل لأدوات السعودية والاستعمار احتواء النظام السياسي الجمهوري وإفراغه من مضمونه الاجتماعي والاقتصادي الوطني، ووضع الألغام والعقبات أمام أي توجه وطني ثوري، عن طريق شل فاعلية الوطن بالسلام المزعوم ودخول أدوات وعملاء السعودية صنعاء، وامتدت خطوطهم وشملت كل ميادين الحياة، ولم يعد هناك موطئ قدم لفعل الإرادة الوطنية والنهج الاقتصادي والسياسي والاجتماعي السليم. وآخر موقع تم الاستيلاء عليه هو جهاز الثقافة والإعلام، بهدف السيطرة النهائية على توجهات الرأي العام، في محاولة لصرف انتباهه عن إدراك حقيقة الوضع الداخلي وأسباب المعاناة.
الأمانة والتجرد والموضوعية تقتضي مراجعة شاملة لمجمل التجربة الوطنية، وتناول كل عناصر تكوينها بالفحص والتمحيص، وطرح كل السلبيات والمواقف والممارسات والسلوكيات، والوقوف أمامها وقفة نقدية صحيحة، سبيلاً للخروج إلى متسع وطني رحب وجديد يحقق المواكبة لكل ما تقتضيه المصلحة والأهداف اليمنية الكبرى.

أترك تعليقاً

التعليقات