محرقة الساحل الغربي
 

طاهر علوان

معركة الساحل الغربي حركت مستنقعات التحالف الكوني الراكدة، وبوارج السفالة والانحطاط، وكشفت دناءة العالم المخطط والمشارك وصاحب المصلحة الحقيقية في الظلم والعدوان على يمننا الحبيب، من واشنطن إلى باريس إلى لندن وحتى أصغر مدينة في العالم لها نسبة من التأثير السياسي والعسكري والإعلامي الداعم لتحالف الشر والعدوان، والمرتبطة بمصالح متداخلة متشابكة وغير محدودة بالزمان والمكان والأهداف. إرهاب دولي يستمد قوته وتمويله من أموال عصر الانحطاط النفطي العربي، وحروبه الأهلية والطائفية الخفية والمعلنة، كما أنه يستمد تلك القوة من الغياب الشامل والمفجع للديمقراطية. عدوان دون ضوابط سياسية أو قانونية أو أخلاقية، يبحث عن رؤية في ظلمة الظلمات. هناك فساد في الكون، وهناك نقص في النظر وسلب في المواقف الإنسانية. وليست صدفة أن يلتقي أكثر الناس صراخاً بالانتساب العرقي إلى العروبة والإسلام بالصهيونية والاستعمار، لاعتبارات مصلحية تحل محل الوطنية والعرقية والدينية. تلك الأنظمة الفاسدة تنطلق من تلك القاعدة. 
التحالف الدولي المدجج بمختلف أنواع القوة العسكرية، البرية والجوية والبحرية، وبأحدث التقنيات المتطورة، لم يستطع أن يصمد أمام تيار الثورة الجارف، والعزيمة القوية، والمشروع الوطني التحرري، والحق، والأرض والمواقع الاستراتيجية. لم يستطع الصمود أمام المقاومة الأسطورية التي قادتها الفئات الكادحة من أبناء شعبنا العزل الباحثين عن العيش الكريم، والحرية والعدالة. 
الترويج الإعلامي المضلل عن سقوط مطار الحديدة، وتلهف ضعاف النفوس للنصر والفتح القريب، وفرح الفرحين وشمت الشامتين؛ ولكن رجال الرجال خيبوا آمالهم. لن يمروا طالما هناك رجال الرجال، من عاهدوا الله والثورة وقاتلوا تحت شعار: النصر أو الشهادة، هم من يصنع التاريخ ويوجه مسيرته، هم من يحسم المواجهة التاريخية المصيرية الساخنة والملتهبة والنابضة في القلب وجارية داخل الشريان الممتد من الحديدة إلى الجوف إلى تعز إلى صعدة إلى عدن.. ولن يتمكن أولئك من كبح الجماهير التي اختارت الثورة والحرية والعدالة بدلاً من الانصياع للأوهام، بل وللمصيدة الكبرى التي يعدها العدو لأمة بكاملها من أجل تدميرها، وتفتيتها، وجعلها تنزلق إلى حروب أهلية لا نهاية لها.
تحالف العدوان السعودي- الإماراتي ليس له خيارات سوى أن يسير في الخط الذي رسمته القوى الاستعمارية الكبرى، تلك القوى التي تعتقد بأنها تستطيع أن تفرض إرادتها وتحدد مسار التاريخ الكوني تحت رايات جديدة وبقرارات أممية ومباركتها وبحجة تأمين الممرات الحيوية ونزع الألغام والمعونات الإنسانية. 
معركة الساحل الغربي أكدت أن اليمن هو الرقم الصعب في المعادلة الدولية، والذي سيغير جذرياً من طبيعة المعادلات والتوازنات، فالعناصر والمقومات الوجودية لم تعد توفرها الهوية المغلقة، والعقليات المتخلفة الجامدة، والمصالح الأسرية الضيقة، والفكر الوهابي المتعفن، وإنما الامتداد والوحدات الاقتصادية التي تكمل منظومات الدفاع وتضاعف طاقة الإنتاج وتنتج المعادل البديل، الوطني والثوري. 
معركة الساحل الغربي جسدت مقولة: (وطن لا نحميه لا نستحقه)، حيث جسدت جدارتنا، واستحقاقاتنا، وإرادتنا، وحبنا الوطني. معركة الساحل الغربي تحمل السمة النوعية في وحدة البندقية، ووحدة الأرض، ووحدة هوية الوطن، ووحدة الغايات والأهداف، فالذين لا يستطيعون أن يجسدوا إرادتهم ومشروعهم على أرضهم فأحرى بأرضهم أن تكون بلا أهل، والذين لا يملكون أن يحددوا هدف حياتهم أحرى بهم أن تسلب منهم تلك الحياة. 


موقع لاء الأخباري / طاهر علوان الزريقي

أترك تعليقاً

التعليقات