الحصار وخياراتنا القومية
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / #لا_ميديا -

ثمة أهداف عديدة من وراء فرض الحصار الظالم على ثورتنا، غير أن واحداً من أبرز الأهداف يتلخص في محاولة عزل وتطويق الثورة، ومنعها من ممارسة دورها القومي والمشاركة الفاعلة في محور المقاومة العربية والإسلامية.
واستطاعت ثورة أيلول من خلال الصمود في وجه الحصار الظالم، أن تحول اليمن إلى كيان فاعل ومؤثر يتصدى ويدفع إلى مقدمة لحظة المواجهة التاريخية، وهي حية، وغضة، ساخنة، وملتهبة، ونابضة في القلب الفلسطيني، وجارية داخل الشريان الممتد من آسيا إلى أفريقيا.
واستطاعت ثورتنا أن تفرز الالتباس الكئيب ما بين واقعنا العربي وطنطناته، بين أن نتردد أو أن نتردى، بين الفعل والانفعال، بين درجة الغليان ووجه الحمى القابضة للنفس والروح في آن معاً، بين أن نغذي الإرادة أو نغزوها، بين أن نعمى أو نرى ما نحن فيه من تراجعات وهي في ضمنها بل وهي في أم عينها داخل البيان الختامي للقمة، بين الحس بالامتداد والتوسع والحس بالتشرذم القائم على معادلة توازن بلا ميزان.
الرؤية المصيرية لثورتنا أكثر إلحاحاً وأعمق استراتيجية، إنها ضمانة حقيقية لقضايانا المحلية والقومية، والتي ستغير جذرياً من طبيعة معادلاتنا وتوازناتنا وقدراتنا على البقاء والاستمرار في الانتصارات وتقويض الكثير من الأهداف العدوانية، لأنها أبقت على الدور القومي في الطليعة من خلال نضالها وتحركها ونشاطها، وأثبتت بالملموس أنه من المحال على قوى العدوان فرض التقوقع على ثورة وطنية وقومية نضالها وشعارها ضد العدو الرئيسي للأمة العربية والإسلامية: أمريكا وإسرائيل.
ثورة تمتلك القضية والإرادة في تجسيد رؤاها بأمة عربية موحدة وبوطن محرر من كل أشكال الاستعمار والاستغلال، تمتلك الرؤية الجذرية والثورية، وتستند إلى جذور وبذور في تاريخ الصراعات يمتد جسره من بداية الدعوة الإسلامية وحتى يومنا هذا، ثورة مواقفها واضحة ومعروفة لا مهادنة مع آليات تعمل دون توقف على اعتصار الروح الصاعدة إلى قمة الإرادة وعزم تلك الآليات على إنتاج الهزيمة الختامية للعرب أمام الشرعية الدولية"، وعند حواف القمة العربية الطارئة والخارجة لتوها إلى مآزق جديد قد يحتاج هو الآخر إلى قمة أخرى، وعلى عجل، بعد ان كان صوت بيانها أشد خفوتاً من صمت الاحتضار. 
فشل النظام "العربي" وقممه الطارئة التي لا تستطيع أن تتخذ قراراً بقطع العلاقة مع عدو يعبث بمصير أطفالنا وشبابنا، رجالنا ونسائنا، ويقوم بتقطيع أوصالنا قطعة بعد قطعة، ولا يهمه من الانفتاح عليه سوى ما يتيحه هذا الانفتاح من انغلاق سياسي بين العرب أنفسهم، وأن يكون القرار هذا بداية لقرارات أخرى تتصل بخيارات أمة تمتد من المحيط إلى الخليج إزاء استراتيجيات الحرب والسلام. 
في إطار من الرؤية القومية التي تفرضها المستجدات السياسية والتحالفات المعادية للأمة العربية والاسلامية، والتي تطرح نفسها وتشهر تحدياتها وتتطلب رأياً واضحاً وموقفاً مبدئياً صلباً تجاه حالة التهديدات وعدم الاستقرار والهيمنة، لا بد من الاختيار، والشعوب العربية والإسلامية اختارت المقاومة، بدلاً من الانصياع للأوهام، بل للمصيدة الكبرى التي يعدها العدو لاحتياز أمة بكاملها داخل فكرته عن تدميرها وتفتيتها، وتلفها، وجعلها تنزلق إلى حروب أهلية لا نهاية لها.

أترك تعليقاً

التعليقات