المثقف والعدوان
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -

المثقف مسؤول -بحكم وعيه ومؤهلاته ومكانته ودوره في الحياة- عما يجري في بيئته، ووطنه، ومنطقته، والعالم من حوله، ويعتبر نفسه دائماً أحد الشركاء في الشرط الإنساني، والمصير الإنساني للخلق، وليس بعيداً عن صنع المتغيرات ذاتها والمشاركة الإيجابية في أحداثها، وأغلب الثورات في التاريخ الإنساني كان وراءها المثقف الوطني، والمفكر الثوري، فهؤلاء مطالبون بدور إيجابي يجعل كل فعل في ساحة الحياة ينعكس على كل الناس. وللمثقف اليمني في هذه المرحلة بالذات دور فاعل ومؤثر وقيادي -حتى ولو كان على حساب حياته واستقراره- لمواجهة العواصف الهوجاء الكونية المسمومة، مواجهة العدوان والقمع والإرهاب ومصادرة الرأي، مواجهتها بعواصف أشد سطوة وبلاء وقدرة على التحدي والإصرار على قول الحق والمشاركة في الفعل الحضاري، وإلا لن يستحق يوماً صفة المثقف الوطني الثوري. 
فأين هو المثقف الوطني من فعل الدفاع عن الوطن والثورة وعملية التنوير وخلق الوعي الثوري الوطني الذي يحتاجه وطننا في أصعب مراحله التاريخية لمواجهة أشرس عدوان في التاريخ الإنساني، والانعتاق من الوصاية السعودية، ومشروع الاستعمار الكوني، واكتساح وطننا ومصادرة استقلاله، واستثمار خيراتنا ومواقعنا الاستراتيجية، الأمر الذي يفرض علينا جميعاً الدفاع عن وطننا من غزو خارجي، الضرورة التاريخية تحتم علينا أن نكون ضد من يدمر وطننا وحياتنا ومستقبلنا، ونستشعر الخطر أكثر من غيرنا، ونمتلك القدرات على إيجاد المخارج من الأزمات واستشراف المستقبل في عتمة العدوان وأدواته، ولا بد أن نكون مسكونين بهواجس الخطر المحيق بوطننا وقضاياه في هذه المرحلة المصيرية بغض النظر عن اختلافاتنا السياسية الداخلية والتباين في وجهات النظر، فتلك الاختلافات ظاهرة صحية ومشروعة.
هناك جمهرة من المثقفين من حاملي الشهادات العالية بإفادات أعطيت لهم في غفلة من الزمن، ممن استناموا إلى كل سلطة سعياً وراء مكاسب شخصية وآنية، فارتضوا أن يسيروا في الصف المرسوم والمؤدي إلى مطابخ العدوان، ارتضوا أن يكونوا أدوات لذوي السلطان والمال تأميناً لسلامة هشة ومخجلة، أدوات رخيصة، وحالة مرضية لها بصمات مميتة على مجتمعنا، معضلة إضافية أخرى نواجهها، لكننا لا نتوجه في حديثنا إلى هؤلاء (الخلق)، فقد أسقطناهم من حساباتنا سلفاً، لأنهم بضعة من سقط المتاع.
الوطن بحاجة إلى المثقف المناضل الثائر القائد بالكلمات في وجه كل هذا العدوان، وكل هذه الانهيارات والتردي والظلم، إننا نخاطب المثقف الوطني الثوري الذي يمثل قلمه الرمح المشرع في وجه كل ريح عاصفة وطاغية، في وجه كل ظالم مستبد، الوطن بحاجة لمن يكتب الحقيقة بدمه، من يؤكد على معاني الحرية، وحرية الفكر والديمقراطية، من يعيدون كتابة التاريخ ولو بدمائهم، ويكتبون بأصابعهم المدماه حقيقة الصراع على صفحة الوطن والتاريخ، ليشرع كلمته في وجه الرياح السوداء، ليصنع مجد أمته في هذه المرحلة الحاسمة والمصيرية والحافلة بالمتغيرات، وكل "الهراء" الذي يكتبه مثقفو العدوان سيذهب ادراج الرياح، والكلمة الصادقة وحدها ستبقى ذخراً للأجيال القادمة، وستبقى خالدة في وجدان الأمة.

أترك تعليقاً

التعليقات