الصرخة نحو الأقصى
 

طاهر علوان

يتعرض الشعب الفلسطيني المتعطش للعودة الكريمة إلى أراضيه المقدسة، والعاشق للحرية والشهادة، إلى أشد حالات العنف والمواجهة والاعتداءات العسكرية الوحشية، في ظل صمت عربي لأنظمة حالمة بالعيش الأمن في عصر السلام الأمريكي- الإسرائيلي بعيداً عن الحروب الساخنة والباردة، تلك الأنظمة المذلة والمهانة والمتواطئة مع العدو، والتي كانت لا تجرؤ حتى على إشهار تلك الهمهمات المعتادة من الشجب والتنديد بالعدوان، أصبحت الآن تجاهر بتضامنها مع العدو، وتدين العمليات البطولية لرجال يصنعون أحداث التاريخ من خلال المقاومة والنضال اليومي، وبكل الوسائل المتاحة والممكنة بالحجارة، والخناجر، بالصوت المدوي، بالصرخة القوية القاتلة للعدو: (الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل)، ليقيموا مجتمعاً عادلاً يشكل دعائمه وأركانه، وينسج تفاصيله النساء والأطفال، الشباب والشيوخ، الأحياء والشهداء، يضرمون جميعاً من دقائق حياتهم اليومية نار الأتون الذي تنصهر فيه أسطورة الحياة والنضال، ويشعلون مصابيح مضيئة في تاريخ الوطن الحالك، مصابيح زيتها ووقودها الإنسان والحجارة، رجال آمنوا بعدالة قضيتهم والتضحية في سبيلها، ومواجهة الخطر الداهم على المسجد الأقصى، وحماية الأراضي المقدسة من أن تصل إليها يد العدو، تتدفق التضحيات دون توقف، فلا القمع الدموي ووحشية العدو هزمت تلك الأرواح الطاهرة، ولا تواطؤ ودناءة وهزائم الأنظمة أحنت هامات المناضلين الأبطال.
فلسطين تخوض معاركها المشروعة ضد أبشع أشكال أنظمة الموت والقهر النفسي والجسدي، وبكل الوسائل، بالعمليات الفدائية، والضربات السريعة والخاطفة، بكل الأسلحة الممكنة تستنزف العدو ونظامه الهمجي الفاقد كل المشاعر والخصائص الإنسانية، والمؤهل لسفك الدماء، ونهب الأرض، ومصادرة الحريات والحقوق الإنسانية.
سنوات طويلة من القتل على إسفلت الشوارع، وفي أقبية التحقيق الإسرائيلية، دماء وأرواح، صمود وتصدٍّ، ورفض دائم لكل أشكال الإغراءات، والمناورات، والمبادرات المفخخة، ومخططات القمع والقتل الرسمي بدماء باردة، واستباحة المسجد الأقصى ووضع بوابات إلكترونية، والتحكم بالمداخل الرئيسية المؤدية إلى باحة المسجد الأقصى كخطوات أولى للسيطرة الكاملة على الأقصى، وترحيل الفلسطينيين من جميع الأراضي المقدسة، تلك هي الرغبة الإسرائيلية الكامنة كجزء من مأساة إبادة شعب لإحلال استعمار استيطاني عنصري كإسرائيل. 
نجحت إسرائيل، بدعم أمريكي، وتواطؤ بعض الأنظمة العربية الضالة، في توقيع اتفاقيات صلح وتطبيع، وقبولها لمبدأ التسوية تحت شعار (الأرض مقابل السلام)، ومع ذلك فإن موجة المقاومة للتطبيع في العالم العربي تكتسب وبشكل دائم نفساً قوياً وإرادة لمقاومة الاحتلال واسترداد الحق السليب وتحرير الأراضي المغتصبة كاملة. 
لا يمكن أن تساق الأمة العربية كالنعاج إلى سلام مفروض، وأن ترحب بمعتدٍ غاصب يجثم على أراضيها بقوة السلاح، وبالحملة الواسعة لإقناع العالم بوجود إرهاب فلسطيني، وتلطيخ صورة الفلسطيني المقتول يومياً برصاص الاحتلال، ووضع النظام الهمجي نفسه في إطار صورة الضحية الذي ينشد (السلام الحقيقي) و(العيش المشترك) و(التعاون لما فيه مصلحة التطور الحضاري والاقتصادي في المنطقة). قالوا، لكن أيديهم على الزناد وعقولهم وقلوبهم في الاتجاه المعاكس.

أترك تعليقاً

التعليقات