نكون أو لا نكون
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا

العدوان الظالم على اليمن، والصراعات الداخلية المفتعلة، والقصف الجوي المتواصل وتدمير البنى التحتية والحصار الاقتصادي والهجمات الإرهابية الشرسة والقتل والخراب والتهجير والتشريد والمعارك الدائرة في الجبهات والحدود والصراعات على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والإعلامية، كل ذلك يأتي ضمن صراع بين مشروعين، بين هويتين مختلفتين جذرياً تنتميان إلى عالمين متباينين وجودياً، عالم تسوده هيمنة فئة قليلة العدد من دول عملاقة قوية فائقة التقدم والتطور تمسك بمفاتيح الثروة وتتحكم بتنمية كل بلد ومنطقة ومجموعة وفرد في العالم، وفي المقابل هناك المشروع الوطني المقاوم للهيمنة الإمبريالية والغول الأمريكي وشهيته المفتوحة لالتهام موارد الأرض والبحر واستهداف الوطن كل الوطن، مشروع يقاوم التربص الأمريكي للانقضاض الكلي على ثروات المنطقة وخيرات الأمة العربية من ينابيع النفط وممراته الاستراتيجية وابتلاع جميع مهام الدولة الوطنية وإدارتها، بما في ذلك مهام تمس السيادة وصلاحياتها وبنيتها، والعمل على تجويفها من الداخل وجعلها أداة ذات صلاحيات محدودة في مجالات كثيرة خارجية وداخلية، وافتعالها للتناقضات الهامشية والحروب المستمرة تحت مسميات وهمية (محاربة الإرهاب والفوضى الخلاقة)، لكي تقيد الدول الوطنية وتعمل على تفكيكها وتحويلها تدريجياً إلى كيانات غير وطنية تتداخل تنظيماً ووظيفياً وإدارياً مع الشركات متعددة الجنسية. مشروعنا هو المشروع الثوري المقاوم الذي يستهدف فرط المجتمع الفاسد وإعادة تركيبه بما يتوافق مع قيم العدالة والمساواة والحرية والسيطرة على الثروات والسيادة الوطنية وخلق قطيعة مع التخلف والوصاية، مصحوباً بنظام التغيير، أي أن تكون الثورة مشروع نقد وتفكيك كما هي أيضاً مشروع تجميع وإعادة بناء، و لن تكون كذلك إلا إذا ساهمت بإعادة إنتاج المعنى للوجود الإنساني. 
الصراع الدائر هو صراع وجود؛ أن نكون أو لا نكون، وليست فقط معارك هنا وهناك في الحدود والجبهات وتنازلات في مشاورات السويد كما روج البعض لتلك الأكذوبة الوقحة بتسليم ميناء الحديدة للعدو التاريخي المستمر في عدوانه وإعطائه الشرعية وتقوية مشروعه الاستعماري، ويعتبر ذلك من المستحيلات بعد تلك التضحيات الجسيمة والدفاع عن كل شبر وشارع وحي في الحديدة، وكل الذين ضحوا بأرواحهم واستشهدوا من أجل المشروع السامي، والهدف النبيل، والغاية الشريفة، من أجل وطن غير ملتبس، وواضح المعالم والطريق، وهناك أيضاً من هم على استعداد للموت والشهادة والتضحية في سبيل وطن هويته غير مشروطة بمصالح الفئة الضالة أدوات المشروع الأمريكي الصهيوني مهما بلغ حجمهم وقوتهم وضجيجهم الإعلامي. نحن، الكادحين الحفاة، نقف وبكل شموخ وكبرياء وبكل قوة وإرادة وصمود وصلابة بانحياز تام إلى جانب المشروع التحرري المقاوم للخضوع والقهر والاستكانة والإذلال وسياسة العصا الغليظة، إلى جانب الوطن الخالي من الوصاية والتبعية والخونة ومن كل الذين تاجروا بالأرض وبلقمة عيش الفقراء وبدموع الثكالى والأرامل والأيتام. 
المرحلة الآن لا تحتمل الجدل، لا تحتمل صراعات خارج المساحات الاستراتيجية، وأي كلام آخر فسوف يكون مع كل ما يبرره ترفاً لا مكان له في صراعات الوجود والزوال.

أترك تعليقاً

التعليقات