أنظمة في عنق الزجاجة
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -

لا بد من وضع النقاط على الحروف، وتسمية الخنازير بأسمائها، بدون ذلك لا يمكن الوصول إلى جماجم الطغاة والعملاء والخونة وكل الناطقين باسمها، وبالتالي إعادة الاعتبار لهذه الأمة التي ضحكت من خنوعها واستسلامها وتجزئتها وجهلها بقية الأمم، بفعل تآمر تلك الأنظمة والتي توجت مؤخراً وبشكل أكثر إذلالاً وانحطاطاً وبشاعة جريمة القرن والخيانة (القومية) بمشاركتها في مؤتمر وارسو، والذي يفضح بقسوة أولئك الذين يجلسون في أحضان نتنياهو ويدعون أنهم يمثلون "الشرعية" اليمنية.
مؤتمر وارسو يعمل على تصفية القضية الفلسطينية بعد مسلسلات من التطبيع والتنازلات، وبشاعة البدايات الأولى لاتفاقيات الاستسلام التي دشنتها "كامب ديفيد" ودعمتها "أوسلو" ورفدتها اتفاقية "وادي عربة"، اتفاقيات سهلت للراعي الأمريكي تحقيق أهدافه، وسقوط تلك الأنظمة في هاوية الخضوع والاستسلام، سقوط تتحمل مسؤوليته مملكة الشر السعودية والدول الخليجية والزعماء الذين لا يشق لهم غبار في عملية التفريط بالأرض والانسان أو الخيانة والاستسلام للعدو الأمريكي، والذي من مستلزمات أهدافه ومصالحه عجن المنطقة ليصنع منها منطقة متكاملة أمنياً وسياسياً واقتصادياً، بمكوناتها المختلفة وتعمل بتناسق وتناغم تحت قيادة المايسترو الأمريكي، ومحاولة نزع صاعق التفجير في المنطقة المتمثل بالصراع العربي الصهيوني والذي من إفرازاته حسب رؤيتها زيادة ترسيخ العصبيات القومية، ومشاعر العداء، وبالتالي استحالة لعب الكيان الصهيوني ما رسم له من دور في زمان السلم، كما لعبه بنجاح في زمان الحرب. وحفاظاً على هذا الدور المرسوم للكيان الصهيوني، وحرصاً على إنجازه بنجاح والوصول إلى اهدافه النهائية تعمل أمريكا ليس على تحقيق مجرد سلام ينهي حالة الحرب القائمة، بل تضغط الآن لتصفية القضية الفلسطينية بمشروع "صفقة القرن"، مشروع يدخل الكيان الصهيوني إلى دورة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المنطقة، بحيث يتم التطبيع الكامل، بل وإقامة التحالف الإسرائيلي –العربي والدفاع المشترك، بذريعة وجود خطر حقيقي يهدد المنطقة (الخطر الإيراني، ومحور المقاومة)، والتطورات التي أخذت تتجمع في أفق المنطقة من انتصارات في اليمن وسوريا ولبنان والعراق وبشكل يعاكس استراتيجية الإخضاع والسيطرة الأمريكية، عمدت أمريكا إلى نوع من الهجوم المضاد تمثل في إشهار تحالف أنظمة الاستسلام العربي وإسرائيل بمؤتمر وارسو كنوع من التعويض عن فشل النظام الأمني العربي الذي كانت تريد فرضه في عموم المنطقة من جانب وإلى محاولة توجيه ضربة عسكرية أمريكية بواسطة "حلف الناتو" العربي- الإسرائيلي إلى مراكز الاعتراض والمقاومة في المنطقة وفرض الاستسلام العربي بحيث يتيح للكيان الصهيوني العودة إلى العربدة العسكرية في عموم المنطقة وفرض الارادة الأمريكية.
المؤسف حقاً أن تلك الأكاذيب والتضليلات ما زالت تنطلي على أغلب الجماهير العربية، والتي مازالت تدس رأسها في الرمال وحول قفاها تصفر رياح الهلاك، وإن ما يسمى المعارضة والأحزاب والتنظيمات المسترخية في أحضان العدو لا يمكن أن تمثل بأحسن الحالات أكثر من شيء يثير السخرية والضحك الذي يشبه البكاء. 

أترك تعليقاً

التعليقات