الانفصال في عصر التوحد والتحالفات (1)
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -

شعبنا في الجنوب الحبيب يمر بمرحلة معقدة، وأوضاع صعبة، ومؤامرات بشعة، مآسٍ، ونكبات وأحداث وصراعات افتعلها وخطط لها ورعاها ودعمها عدوان التحالف الكوني على اليمن تحت مسميات عدة: "المجلس الانتقالي"، "الحزام الأمني"، "شرعية" الفنادق... من أجل ترويض وتطبيع وانسجام شعبنا في الجنوب الحبيب مع المخطط المرسوم لتقسيم اليمن وشرذمته إلى مربعات أمنية يمكن الاحتلال من البقاء أطول فترة ممكنة بسياسته العبثية، ومغامرات أدواته الصبيانية، وسياستها العدمية القابضة للنفس والروح معاً، سياسة تراوحت بين التواطؤ مع الاحتلال، والتخاذل الوطني، وعجزها عن تحقيق مطالب ورغبات أبناء الجنوب في مقاومة العدوان والاحتلال وترسيخ دعائم الوحدة والحياة الكريمة الخالية من الوصاية.
المجلس الانتقالي يخوض القتال متاجراً بدماء أبناء الجنوب لتحقيق أهداف إماراتية مرتبطة ومنسجمة تماماً مع التحالف الكوني العدواني على اليمن شمالاً وجنوباً. ومن ضمن تلك الأهداف تمزيق النسيج الاجتماعي، وإعلان الانفصال، وسياسة تقسيم وتجزئة الوطن الواحد. يتوحدون ويتحالفون ضدنا وهم على قوة اقتصادية وعسكرية وعتاد. ونفترق ونختلف ونتقاتل ونحن على ضعف اقتصادي وعتاد. تلك هي المفارقة الموجعة. الوحدة ليست نتاج ابتكارات سياسية ولا شعارات ترفع عند العرض والطلب وتتحول حسب الظروف ورغبات وأمزجة البعض. إنها رؤية مصيرية أكثر إلحاحاً، وأعمق استراتيجية. إنها ضمانة حقيقية ستغير جذرياً من طبيعة كل معادلاتنا وتوازناتنا وقدرتنا على البقاء والاستمرار، فالعناصر والمقومات الوجودية لم تعد توفرها "الهويات المغلقة" الطاردة للتطور والعلم والاستقلالية، ولا ترسيمات الحدود، ولا حتى عدد السكان، وإنما الامتداد والموارد والوحدات التي تكمل منظومة الدفاع وتضاعف طاقات الإنتاج، وتتيح تكوين المعادل البديل للتوازن مع التكتلات والتحالفات الأخرى. هناك إجماع شعبي على التمسك بالوحدة وإحباط كل المحاولات الهادفة لتمزيق اليمن وتقسيمه وشتاته من قوى تدعي أحقية تمثيل أبناء الجنوب الحبيب وقيادة الجماهير وتوجيه مجمل المسار الوطني، وإقحام الوطن في دوامة العنف والتوتر والفوضى والتفكك، والانقسام، وتوسيع شقة الخلاف حتى تضمن بقاءها تحت ظل الاحتلال وتثبيت المخطط الإماراتي - السعودي وأهدافه الخبيثة في إعاقة النصر القادم بسواعد رجال الرجال، وإعاقة المسار الوحدوي الديمقراطي الهادف إلى تحقيق القوة الاقتصادية والتآلف والتماسك الاجتماعي، وكل مقومات الحياة الكريمة، وحسم قضايا الخلافات السياسية والفكرية عن طريق الحوار الديمقراطي.
هناك دفع أمريكي للإنهاك، وفرض سياسة "الفوضى الخلاقة"، لتمكين أدواتها، وانتصار مشروعها، والسيطرة على ثروات المنطقة ومواقعها الاستراتيجية. أمريكا تزداد عنفاً وشراسة بعد كل هزيمة يتلقاها العدوان في المحاور والجبهات. أمريكا وأدواتها لديهم قناعة راسخة بأنهم سوف يحققون أحلامهم الكسيحة. لديهم قناعة بأن لا يكون لدينا إرادة حرة، فالإرادات الحرة في العصر الأمريكي ممنوعة، وأن لا نهتم بالصراعات الدائرة والتحالفات القائمة في الوطن العربي والإسلامي، وأن نتجاهل سياسة أمريكا و"إسرائيل" وتكتلاتهما العسكرية المرصوصة والتي تحتاج إلى بيئات حاضنة تتغذى منها دول تمول المشاريع الاستعمارية ووظائفها الرئيسية في الاحتواء وابتلاع ثروات المنطقة، أدوات خاضعة ومنبطحة تماماً لسياسة اليانكي الأمريكي، والذي لا يسخر ولا يستخف بدول كما يسخر ويستخف بالنظامين السعودي والإماراتي ومشيخات الخليج.

أترك تعليقاً

التعليقات