جائزة نوبل للعدوان
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
فقدت جائزة نوبل نبلها وسلامها ومصداقيتها وأهدافها الإنسانية النبيلة، ودعمها ومساندتها للجهود التي تبذل في سبيل نشر روح الإخاء والمحبة والسلام بين الأمم، تلك الجهود التي ترشد وتثقف وتوفر أفكاراً للوعي والممارسة لكى يصبح العالم مرتعاً للسلام الأزلي، وليس ساحة للحروب والاعتداءات والصراعات والانحرافات والتفسخات النفسية والمواقف السياسية الدنيئة المساندة للظلم والعدوان، والمسيسة لصالح الغرب الاستعماري حتى العظم وإلى النخاع.
لقد أصبحت الجائزة تمنح لمنظمات وشخصيات مناهضة للسلام واللاإنسانية، ومرتبطة بمصالح الغرب وأمريكا، الممولين والموجهين والمهيمنين على الجائزة واستغلالها لتصفية الحسابات السياسية ولشراء الضمائر ودعم الترشيحات المنحازة للظلم والعدوان، والتي لا تقف عند السوق التجارية والارتزاق ومنطق الأرباح، وإنما تمد اتصالاتها إلى ما وراء منطق السوق إلى القوانين السياسة والتحالفات العسكرية.
إن السلام لا يمكن أن تبثه وترسخه شخصيات فاقدة للقيم الإنسانية خاضعة للعدوان والارتزاق وشاركت في التحالفات الكونية الظالمة والمعادية للسلام، ولها سجل تاريخي أسود، ولا تستحق الجائزة ولقب السلام لمشاركتها الفعلية في الحروب والصراعات الداخلية وإثارة الفتن الطائفية والمذهبية والمآسي المفجعة، قتلا وذبحا واغتيالات وسجونا، اقتلعوا، أحرقوا، دمروا كل ما كان يعيقهم ويقف أمام مصالحهم الذاتية وعلى حساب أمم بكاملها.
بتلك الشعارات الكاذبة الاستعراضية التي تهتز وتذوب وتسير في مجرى الطوفان والعواصف والعدوان والبحث عن سلام وهمي زائف، وسط الركام والأنقاض، وبين أشلاء الجثث والأرواح التي لفظت أنفاسها تحت الأنقاض، تمنح تلك الجائزة لمنظمات وشخصيات تدعم وتساند دولا تقود الحروب والاعتداءات وتدعي أنها تحمي السلام والعدل والديمقراطية والتقدم، بينما جرائمها وقتلها وإبادتها وسجونها تتسع باتساع التعبئة المزيفة والمشاريع الوهمية، ودعمها ودفاعها وحمايتها لحائط التخلف الذى يمد ارتفاعاته يؤكد أنها هي ذاتها أكثر تخلفاً مما تدعيه ومما تحاول بعض المنجزات العلمية إقناعنا بأنها دول متقدمة ومتطورة علمياً وأخلاقيا وأكثر إنسانية.
تلك الدول لم تجد وربما لن تجد أبداً وسائل لجعل عدوانها ووحشيتها أقل دموية وعنفاً ودماراً؛ لأن مصالحها سبقت يقظة ضميرها، ونمو قوتها حصل قبل نمو تفكيرها. دول ترفع شعارات السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان وتطلق نداءات وخطابات للعمل الديمقراطي والإنساني والسلام العالمي؛ ولكنها في الساعات الأولى التي تسبق ضوء الفجر تطلق صواريخ الموت القاتلة على الأبرياء والأطفال والمدنيين العزل، مع ذلك تشرف وتوجه وتمنح لمن تشاء من المرتزقة المرتبطين بمصالحها ما يسمى «جائزة نوبل للسلام»!!
الحرب والسلام قيمتان لا تجتمعان، فالقتل والمزيد من القتل هو الوظيفة الجوهرية لكل دولة معتدية، ولا يعقل أن تكون دولة أخلاقية وقاتلة في آن واحد.

أترك تعليقاً

التعليقات