ثورة في زمن الانحطاط
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -

ثورة 21 من أيلول إرادة حرة وحدث تاريخي نحيا ذكراه سنة بعد سنة، وفي زمن يتكاثر فيه نمو الانحطاط السياسي والإذعان والتطبيع مع العدو؛ ثورة نعتز بها مهما اختلفت انتماءاتنا الأيديولوجية، ومهما تنوعت خصوصياتنا؛ ثورة أدخلت النظام العالمي والكيانات الكرتونية التابعة في حالة احتضار تدريجي، ومازالت تجاهد لإخماد المشروع الأمريكي وتفكيكه وانحلاله وجعله يبدو وكأنه صدفة فارغة. وها نحن نرى كيف تتشرذم الإمبريالية الأمريكية فيما تزداد وتيرة التوحد حول مفهوم التحرر والنضال ومحور المقاومة ضد الهيمنة العالمية. ثورة جعلت من اليمن الرقم الصعب والوازن في المعادلات الإقليمية. وأفشلت مخطط إلحاق الثورة بالمشروع الأمريكي "الإسرائيلي" وتحييدها عن الصراع الدائر في المنطقة. ثورة أحدثت قطيعة كاملة مع أولئك الذين فرطوا بسيادة القرار السياسي وبنيته التاريخية وحتى الجغرافية. ثورة اتخذت قرارات وفق نمط ثوري وليس عن طريق إيجاد صيغ تلفيقية أو مبادرات خليجية تخرج الخونة والفاسدين وتعيدهم من باب آخر. ثورة تتمسك بمفهومها عن سيادة الإرادة جنباً إلى جنب مع السيادة الكاملة على الأرض، وتقاتل كل مغتصب ومعتدٍ، والصمود والانخراط في عرس لا ينقطع من الانتصارات والإنجازات والمواجهات الدائمة، حيث يتشبث رجال الرجال بمكتسبات صنعوها بدم وعرق غزيرين، وإنجازات سطروها يوماً بعد يوم طوال أكثر من 5 سنوات، والعالم لايزال يصم آذانه ويغلق عيونه دوننا. ثورة دمرت أوجه أنماط الأيديولوجيات البالية ودفعت إلى نظرة جديدة تحت ضوء فكر ثوري جديد، ورفضت الانصياع لمشاريع وبرامج ومبادرات أنظمة موغلة في الرجعية والتبعية وآيلة للسقوط ومعادية لكل تغيير، وتحاول جاهدة وبصبر دؤوب تضييق الخناق على الثوار الذين يشكلون الآن قطب الرحى لكل تحول وتغيير ومركز استقطاب لبناء عالم تنتفي منه كل مظاهر الاستغلال والهيمنة الاستعمارية والاستلاب، وتتحقق التحولات التاريخية الكبرى وتصبح سلطة المستضعفين حقيقية وتتواصل الانتصارات والإنجازات المادية والمعنوية.
ثورة الـ21 من أيلول هي البديل السياسي والاجتماعي، هي البديل المناهض لكل ظلم وتعسف واستلاب، فالتاريخ الثوري هو تاريخ حضاري، فمن ذا الذي يستطيع محاصرة التاريخ والحضارة؟!
هدف العدوان الكوني تدمير الثورة وحصارها وقصف كل دلالة ثورية، كل مفردة تتصل بمعنى ثوري، وتفريغ الثورة من مضامينها الاجتماعية ودلالاتها السياسية والإنسانية والحضارية، تدمير أحلام أمة بكاملها، عدو متربص بحياتنا ومستقبلنا وتوجهاتنا ومشروعنا الثوري المقاوم، عدو يحاول طمس خياراتنا وطموحاتنا المشروعة في بناء يمن ديمقراطي موحد، واستبدالها بخيارات إذعانية ومشاريع حياة عرجاء تستند إلى الوكيل الإقليمي وتحت المظلة الأمريكية، وكهنة العمل المأجور والفكر المأجور وسياسة الانحطاط والارتزاق وأسواق البورصة واتحاد مافيات العالم الإمبريالي وأساليب توظيف الإنتاج والإنسان والثروة الوطنية لحساب الفئة المرتبطة بالوصاية السعودية والأفكار التي تتحكم بـ"الاقتصاد الحر" وإخضاعنا لعوامل الاحتكار وإرغامنا على قبول الضلالة والفساد بكل عفونتهما ومفاهيمهما البالية والعتيقة والمكشوفة تماماً. ثورة ترفض كل تلك السياسات الاستعمارية واللاإنسانية وتدعم الحرية كضرورة ملحة للإنسان من دون أي بند تحفظي، وتحبط كل المؤامرات، وتقفل جميع السبل التي تسير بنا نحو الانقسام، وتفجر احتقارنا في وجه الثرثارين الذين يتمسكون دون جدوى بأهداب تلك القوى الموغلة في امتهان الإنسان.
 ثورة جعلت صرختنا ترتيلية واحدة ترجع صداها ساحات اليمن كلها. كم هي وطنيتنا موفورة الكرامة!

أترك تعليقاً

التعليقات