سقوط الأقنعة
 

طاهر علوان

تحدونا آمال عريضة بالنسبة للوطن والأمة العربية، رغم كل السواد الذي يغلف حياتنا بعد كل هذه السنوات العجاف التي عشناها وتجرعنا مرارتها في ظل تلك الأنظمة الخاضعة والتابعة للهيمنة الأمريكية، وما آلت إليه الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فالصورة معتمة ومازالت مليئة بالسواد رغم بعض الظواهر الإيجابية والانتصارات العظيمة على الجبهات اليمنية والسورية والعراقية، وصمود تلك الأنظمة الوطنية، وبرغم كل ذلك السواد ما يزال الناس يعيشون متحملين كل ما يواجههم من مصاعب ومتاعب وأزمات.
تلك الأنظمة المتواطئة والخاضعة للنظام الدولي الجديد مصدر الشؤم والبؤس في شتى بقاع العالم، ومنها الأنظمة العربية التابعة للبترودولار التي تروج له ليل نهار، تراجع مستوى معيشة الغالبية العظمى من الناس حتى في تلك الأنظمة النفطية بإيراداتها الضخمة والخيالية، والتي تنفق في قتل وقصف وتدمير الشعوب العربية، ومحاولة تركيعها والسيطرة عليها، وإخضاعها للسيطرة الأمريكية الإسرائيلية في ظل غياب تام للديمقراطية والسياسات الاقتصادية والتخطيط والبرمجة، وأيضاً ارتفاع موجة الهجوم على الحقوق والحريات في كافة جوانب الحياة الإنسانية، وتفاقم ظاهرة الفساد وتحكم الفئات العابثة بالمال العام، وتراكم أرصدتها على حساب معاناة الناس.
أنظمة الغدر والخيانة والفساد لا تعيش ولا تقوم لها قائمة، إذا عاشت الشعوب والأمم في سلام ورخاء اقتصادي، يقاتلون بوحشية وضراوة كل الشعوب التي تقاوم الاستعمار والخنوع، وتحلم بالحرية والسيادة والكرامة، منذ فجر تاريخ الثورات العربية والتحرر الوطني.
ولا يقتصر الأمر على تلك الأنظمة الرجعية المعروفة بإدمانها وعداوتها المزمنة، هناك أيضاً أحزاب ومنظمات حقوقية، ومشائخ بدون قبائل، وقيادات حزبية تقدمية، برزت بعد العدوان والهجمة الشرسة لكيانات البترودولار على بلادنا، وخرجت عن مسارها الوطني، وتخلت عن أفكارها ومعتقداتها ومواقعها الوطنية، وما لديها من تاريخ نضالي، وما تحمله من أحلام ومشاريع وطنية، وما تضمه من طاقات بشرية.. كل تلك الأحلام سقطت بأحضان السعودية، وأضحت الرجعية السعودية (العدو التاريخي) هي المشروع الثوري والبديل الوطني والخيار الاستراتيجي، وأصبحت أمريكا وإسرائيل خياراً سياسياً واقتصادياً.
تلك القوى تحاول ترويج الأوهام واستنباط الطائفيات وتفجير العصبيات واستحضار تجارب ميتة فقدت واقعيتها ومضامينها، وتشويه تجارب شعبنا ونضاله وشموخ قادته العظام وتاريخه الحافل بالقيم والمثل التي كافح من أجلها شعبنا عبر تاريخه الطويل كفاحاً معجوناً بدماء الشهداء والتضحيات الجسام، تلك الأحزاب والتنظيمات التي ابتعدت عن المشروع الوطني والدفاع عن الوطن ضد العدوان الخارجي الأمريكي - السعودي، والغارقة في رمال التخلف وأموال النفط، والجانب المظلم من تاريخ الأمة العربية، أجهض بعضهم، وحجب عن البعض الآخر فرصة الدور المنتظر للارتزاق والخيانة، ويعتقدون مع كل ذلك بأنهم لا يزالون في عز ادعاءاتهم يمارسون دورهم القيادي في النضال الجماهيري وهوية التنظير والمراوغة وشقلبة الحقائق حسب تصوراتهم المريضة وبطولاتهم (الدونكيشوتية)، ووقوفهم على حافة الأرضية الرخوة التي لا يأتي ولن يأتي منها النصر المؤزر، ولا السلام الكاذب الذي فتك بأحلام الوطن وأفسدها.
اليمن التي خاضت المعارك والحروب من أجل الحرية والسيادة والكرامة، ومواجهة المشاريع الاستعمارية الاستبدادية، هي الأمل.. هكذا كانت، وهكذا ستبقى، ولن نتركها للقتلة وسماسرة الدم.

أترك تعليقاً

التعليقات