لا لصفقة ترامب
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -

من لم يكن قد استوعب بعد مكنون وأهداف الحروب الدائرة في اليمن، وفلسطين، وسوريا، والعراق، ولبنان، وليبيا، وإيران، فقد جاءته الأحداث الأخيرة المتسارعة في قضية النزاع الإسرائيلي – العربي لتصدم رأسه بالصخر، وتجعله يصحو ليرى واقعه، ليرى الجريمة التاريخية للإدارة الأمريكية: صفقة القرن. 
صفقة القرن وثيقة تاريخية خطيرة تدعو إلى تصفية القضية الفلسطينية وتدمير المقاومة العربية لترتيب خريطة جديدة، وإن شئنا الدقة لتكوين ولايات متحدة أمريكية جديدة في المنطقة، وتصفية كل المناوين إذا مانعوا أو قاوموا المشروع الأمريكي الهادف لبناء الإمبراطورية الأمريكية التي لا تغيب عنها الشمس، مخطط وضع أسسه وقواعده المحافظون الجدد المرتبطون باللوبي الإسرائيلي وأصحاب الشركات العملاقة بعد أحداث سبتمبر 2001م المفتعلة لشن حروب وراء الحدود الأمريكية، وهم أنفسهم من وضعوا وثيقة صفقة القرن، والعمل على تغيير بعض الأنظمة بالقوة العسكرية، وتحديداً دول المقاومة، وحتى بعض الدول التي لديها علاقات تاريخية وتعاون استراتيجي مع أمريكا، لتتمكن من السيطرة الكاملة على المنطقة، والسوق العالمية، والمنافذ الاستراتيجية في العالم، وتثبيت مصالحها في المنطقة بواسطة أدواتها، وفي ظل قيادة الكيان الإسرائيلي الذي أثبت فشله السياسي والعسكري طوال أعوام احتلاله بالرغم من تبجحه والادعاء بأنه أقوى دولة في المنطقة، بل دولة عظمى ذات كيان مستقل، ولا يرغب في معرفة الحقيقة بأن وجوده وبقاءه كان ضمن مشروع غربي، وكل حروبه في المنطقة شنت بدعم مباشر لم ينقطع من أمريكا والغرب الامبريالي، ورغم ذلك لم يستطع الاحتفاظ بالأراضي التي احتلها في غفلة من الزمن طويلاً، وأن ترسانته العسكرية الفائقة لم تكن، ولن تكون قادرة على حمايته من غضب الشعوب.
هذا الكيان ومنذ هزيمته في لبنان في حرب تموز 2006م وحتى الآن، يتخبط سياسيوه الجدد من أجل تغطية تلك الهزيمة المخزية، ولا يحتاج المرء إلى كثير من الجهد والذكاء لتلمس مؤشرات النهاية المأسوية لتلك الكيانات المزروعة، والتي خلقتها مصالح الغرب الامبريالي في المنطقة: إسرائيل، والسعودية، والإمارات، ومشيخات الخليج، كيانات كرتونية هشة وضعيفة ومصيرها إلى الزوال ولو بعد حين، مشاركتهم في ورشة البحرين طاعة للسيد الأمريكي، ولتأكيد تنازلهم عن وجودهم الزمني والمكاني، والسقوط في أسر معادلة تشترط أن ترهن تلك الكيانات المتعفنة معتقداتها، وكرامتها، والقضية المركزية فلسطين وكل الأراضي المقدسة للعدو الأمريكي.
إن معظم ما هو سائد وقائم في الوطن العربي من تمدد للجهل، وارتفاع حائط التخلف، والفقر، وحلول وتيرة الانقراض مكان وتيرة التواصل، والعداء لكل ما هو مقاوم، وثوري، وتقدمي، نتيجة طبيعية لتلك الأنظمة المتخلفة، ولم تؤخذ تلك الأنظمة بهذا الكم الهائل من السلبيات الاجتماعية والتبعية السياسية على حين غفلة أبداً، وإنما عن سابق تصور، وتصميم، وإصرار على التبعية، فكانت النتيجة المأساوية تخلف العرب، واحتلال فلسطين، وحروب مفتعلة، وضياع الثروة، وأخيراً الجريمة التاريخية لبيع فلسطين وتصفية القضية الفلسطينية بالمليارات التي تعرضها أمريكا تمهيداً لتمرير صفقة القرن. 
خيارات المقاومة وصلابتها، وإيمانها، ومواقفها الثابتة، وامتلاكها القوة الرادعة المحلية، والرفض الفلسطيني الموحد، كان الانطلاقة لسلسلة المواقف الشعبية العربية الرافضة لورشة البحرين، وهي القوة الحقيقية لمنع تحقيق أهداف صفقة القرن. 

أترك تعليقاً

التعليقات