إنهم يقتلون العظماء
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا

في ساحة الشرف، ساحة الدفاع عن الوطن والكرامة والحرية والاستقلالية، سقط المناضل الوطني الشريف والرئيس المتواضع الشهيد صالح علي الصماد مضرجاً بدمائه الطاهرة، باذلاً ربيع عمره من أجل أقدس قضية، وأشرف معركة في الوجود، وتعد من أشد المعارك ضراوة ووحشية في التاريخ المعاصر، وأعتى عدوان همجي في المنطقة. كان القائد الشجاع فيها، البطل العظيم، والرئيس المحنك المتواضع، والجندي المدافع عن الوطن نيابة عنا وباسمنا من أجل أن نعيش حياة العزة والكرامة، وأن نعيش كبشر نملك القرار والأرض والثروة. كان حاضراً في كل الجبهات، في كل الساحات ومعارك الشرف والتضحيات والفداء. لم يهدأ ولم يستكن لحظة واحدة، ولم يهادن قوى الشر والعدوان. قاتل تلك القوى الباغية والتي تسعى وتعمل ليل نهار دون كلل لسحق الإنسان اليمني وإذلاله، واعتصار الروح، وابتلاع الأرض والثروة، بتكتلاتها العسكرية وتحالفاتها المرصوصة، والتي لها بذورها وجذورها التاريخية في الصراعات يمتد جسرها من بداية الدعوة الإسلامية وحتى يومنا هذا؛ تلك التكتلات والتحالفات التي تزحف جارفة كل شيء؛ الإنسان، والقيم، والمبادئ، والحقوق.
كان الشهيد صالح علي الصماد يمتلك قدرات عظيمة وخصائل حميدة؛ الوفاء، الصدق، وإصرار المناضل، وتحدي المجاهد الذي لا يخاف المخاطر، يقتحم العقبات في صمود وثبات، والاعتداد بالنفس، الاعتداد بالوطن وأبناء الوطن، الاعتداد بأن الأرض اليمنية تنجب رجال الرجال الذين يستطيعون أن يغيروا وجه التاريخ بصمودهم وتضحياتهم وانتصاراتهم... كان أشرف وأفضل وأنقى مَن تحمل المسؤولية الوطنية بأمانة وتفانٍ وحس إنساني، حمل المودة والمحبة لكل البشر، وناضل وجاهد واستشهد من أجل قضية عادلة متمثلة في أعماقه، منصهرة في جميع حواسه، معجونة بهموم ومعاناة المستضعفين من شعبه، مطعمة ببعدها الإنساني دون مطامع أو اعتبارات ذاتية ومكاسب شخصية... قامة شامخة بكبرياء الأرواح العظيمة الحافلة والمحصنة بالعفة والاعتزاز والكرامة والوجدان الطاهر.
تحمل المسؤولية والقضية المقدسة بقناعة المتصوف، وإيمان المجاهد، وصبر الأنبياء، وتواضع المناضلين الشرفاء. شارك المجاهدين المعاناة وقسوة العيش بين الجبال والوديان في المعسكرات والجبهات، والتنقل من مدينة إلى أخرى، يشارك مشاركة فعلية في الجهاد والقتال ضد تلك القوى الظلامية الحاقدة على الإنسانية، وعمل بكل جهد وصدق لتغيير الأوضاع القاسية والمريرة والمدمرة نتيجة العدوان البربري المتوحش، وحاول بكل قوة خلق لحظة المواجهة الحاسمة لتداعيات الإحباط والجمود والفساد والتخلف والقهر، من أجل انتصار الثورة، ليشكل بنضاله وتضحياته مثلاً نادراً بين الأمثلة العديدة لشهداء الثورة والدفاع عن الوطن؛ أرضه وإنسانه، وليعمد بدمه الطاهر الرؤية المصيرية الأكثر إلحاحاً وأعمق استراتيجية، والضمانة الحقيقية التي ستغير جذرياً من طبيعة المعادلات والتوازنات القائمة... شكّل بحق امتداداً واعياً لثورة أيلول المتكاملة في السلوك والصمود والنضال في القول والعمل، روحاً مناضلة تبحث عن الجذوة المشتعلة والصادقة عن مكامن القوة والإرادة في الشعب اليمني، ليشعل بها الواقع من حوله بالقيم النبيلة والخصال الحميدة والصمود والثبات واستمرارية الشعلة الخالدة لثورة أيلول.
إن الوفاء للشهيد يعني الوفاء لكل الشرفاء الأحرار، وللثورة، وللنضال من أجل وحدة اليمن وازدهاره وتقدمه. 

أترك تعليقاً

التعليقات