الناتو العربي
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا

ليس اكتشافاً عظيماً القول بأن ميزان القوى في ظل ما تواجهه الأمة العربية من تحديات، بات مختلاً بشكل كاسح لمصلحة العدو الأمريكي، نتيجة لتلك الأنظمة المتواطئة والمطبعة والتابعة بشكل مطلق للاستعمار الامبريالي بقيادة أمريكا، نظراً لوحدة المسار والمصير، أنظمة جاهزة للسير مع المخططات الأمريكية الإسرائيلية حتى النهاية، وتمكين أمريكا من ترسيخ وجودها بكثافة وبشكل متعاظم في منطقة الشرق الأوسط، مما شجعها على الاجتهاد لمزيد من التصورات والمخططات، وصياغة أخطر مشروع على الأمة العربية (صفقة القرن)، وربطه بتحالف عدائي (ناتو عربي) لتصفية أمة بكاملها وابتلاع حقوقها، تلك الأنظمة هي العامل الرئيسي في تخلف، وانتكاسات، ونكبات، وشتات الأمة العربية، ولم تنتج تلك الأنظمة إلا اتفاقات مذلة استسلامية (كامب ديفيد، وأوسلو، والعقبة)، واعتداءات ودمارا في اليمن وسوريا والعراق وليبيا. لم يسبق أن شهد الصراع الدائر في المنطقة طروحات ومشاريع تسوية وتحالفات عدائية (ناتو عربي) للالتفاف على القضية الفلسطينية وتصفية محور المقاومة، وتكريس أمن الكيان الصهيوني بشكل فاضح وصريح ومستفز لمشاعر الشعوب العربية، كما تظهر هذه الصورة اليوم بفظاظة ووقاحة غير مسبوقة، ومتزامنة مع الانتصارات التي يحققها محور المقاومة، بالرغم من الفارق الهائل في موازين القوى على جميع مستويات الصراع.
كان الرهان في السابق على استنفاد محور المقاومة زخمه وقوة دفعه بمرور الوقت، لكن الواقع والحقائق أثبتت عكس ذلك، وفي مقدمة تلك الحقائق مواصلة المقاومة كخيار استراتيجي، ورفض جميع المشاريع والحلول والتسويات التي لا تحقق أهدافها الوطنية، ولم يسبق (للناتو العربي) التابع لأمريكا وإسرائيل أن أصيبوا بخسائر وهزائم على كافة المستويات والمجالات، توازي جميع الخسائر التي أصابتهم في جميع الحروب السابقة من جراء استمرار المقاومة.
ما يريده ملوك وزعماء العرب الخونة، بل ما تريده أمريكا، هو (ناتو عربي) يهدف إلى خنق القضية الفلسطينية، وتصفية المقاومة، وإبادة إيران بصفتها دولة ظلامية تصدر الشر وتدعم محور المقاومة، وهي العدو الرئيسي للعرب، والتطبيع مع إسرائيل بصفتها دولة متحضرة متنورة ولها حضورها ووجودها في المنطقة، وذلك حسب تصريحاتهم الأخيرة. ولا يوجد أمامنا حيال هذا التحالف المسخ الاستعماري إلا خيار المقاومة، والابتعاد عن التحجج بميزان القوى، والظروف الدولية غير الملائمة، والاكتفاء بردود الأفعال الباهتة والمتناثرة، ووفق حسابات ظرفية، ومصلحة ضيقة، واليوم حيث تتبدى التطورات والأحداث عن مشهد السيطرة الأمريكية الواضحة على تلك الأنظمة، وتسييرها وفق مخططاتها ورغباتها في السيطرة، وأيضاً تمكين إسرائيل من تحقيق حلمها ومشروعها الخرافي (إسرائيل الكبرى) من الفرات إلى النيل، تلك الطموحات الاستعمارية لا يمكن أن تتحقق لوجود عقبات أساسية تتمثل بأشكال المقاومة المختلفة والمناهضة لتلك الطموحات في اليمن وفلسطين وسوريا والعراق ولبنان وإيران، وكل تلك التحالفات، والمناورات والتهديدات الأمريكية تهدف إلى تأمين سلامة مشروعها ووجودها في المنطقة، ولن يتم ذلك إلا بتصفية محور المقاومة، وهنا يكمن الهدف الرئيسي من تكوين (الناتو العربي) لإزاحة كل قوى تعارض مصالح أمريكا في المنطقة. 

أترك تعليقاً

التعليقات