القدس والدب الداشر
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / موقع ( لا ) الإخباري

الشعور الإنساني المفاجئ (للدب الداشر) بن سلمان واعترافه بالحق المطلق والشرعي لليهود في البقاء والعيش بسلام وأمان في فلسطين، وحق أمريكا بالقرار الذي اتخذه ترامب في نقل سفارتها إلى القدس، وطابع التواطؤ السعودي الحاصل إزاء ما تقوم به إسرائيل من عدوان وقتل وسحق للفلسطينيين وتدمير منازلهم وسحلهم بشكل يومي، تلك الروح التسامحية الإنسانية مع العدو الإسرائيلي تتفق مع الجرائم الوحشية والمجازر والنكبات الإنسانية والحصار الاقتصادي والتجويع وقتل الأطفال والنساء والعجزة وتشريد الملايين من منازلهم ومدنهم وقراهم نتيجة القصف السعودي المستمر والعدوان على اليمن. 
التسامح الذي أبداه الدب الداشر تجاه العدو الإسرائيلي في ظل الأوضاع المأساوية والقاسية للشعب الفلسطيني معناه التفريط في الحقوق، والتواطؤ مع العدو، والقبول بالتبعية والتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، والتخاذل عن أداء الواجبات المقدسة تجاه القضية المركزية فلسطين. تشريد شعب واغتصاب أرضه وحقوقه وإنسانيته دون وجه حق، والموافقة على ذلك ودعمه معناه الارتباط العضوي مع الكيان الصهيوني ووحدة المسار في كل ما يتصل بمعركة المصير. 
هذا التسامح المفرط في إنسانيته والمواقف المزدوجة لشخصية منحطة تعيش حالة القلق والفزع والتشوه الذهني والأخلاقي لأنظمة متكلسة متعفنة، إسرائيل لم تكن لتحتل فلسطين وتبقى فيها لولا تلك العقول الغبية والأنظمة الدنيئة الفاسدة التي انحازت بكل قوتها ووجودها وثرواتها إلى جانب العدو. ومع ذلك فقد بدأ العد العكسي لمشروعهم، مشروع الكيان الصهيوني ومشروع الكيان السعودي. بدأ مشوار تناقصهم التدريجي بفعل صحوة وصمود ومقاومة الشعوب العربية وإيمانها بالقضية وإيمانها بالانتصار وأن زمن تعميم الانهزامية ولى وإلى الأبد، روح الانهزامية التي عممها النظام السعودي ودول الخليج الكرتونية بهدف صرف الشعب العربي عن تقدير مكامن القوة لديه، وبالتالي الاستسلام لأمر واقع ما كان ليكون لولا طغيان وجبروت وقمع تلك الأنظمة لشعوبها. 
خروج الشعب اليمني رافضاً قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتلك الأصوات الهادرة التي علت شوارع صنعاء وأزقتها تضامناً مع القدس والقضية الفلسطينية إثبات واضح لوعي الشعب اليمني ودعوته إلى استراتيجية موحدة ومختلفة جذرياً عن سياسة تلك الأنظمة المتواطئة مع العدو، وبالصوت الرافض المدوي الذي طاف شوارع صنعاء، مذكراً بأن الصراع مع العدو هو صراع حضاري قومي عربي، وبالتالي هو صراع وجود وليس صراع حدود كما حاول البعض أن يزرعه في وعي جماهير الأمة العربية طيلة العهود الماضية. صنعاء المحاصرة حاصرت الحصار وانطلقت تذكر بكيفية المضي في الصراع كما يجب أن يكون في المفهوم والأدوات، وليس كما يراد له أن يكون برؤية (الدب الداشر) بن سلمان والأنظمة العربية المرتبطة بشكل أو بآخر بمواقع القرار التي زرعت الصهاينة في قلب الأمة العربية فلسطين، ولا تزال تمكنه من تحدي العرب بنقل سفارته إلى القدس.
(الدب الداشر) بن سلمان وموقفه الإنساني المشوه ومد جسور المحبة والمودة إلى الكيان الآخر الصهيوني وإقامة علاقات وتطبيع يعني التجاهل بأعلى صوت للحق الفلسطيني، وفك الارتباط بالقضية المركزية فلسطين وتدمير الهوية العربية والإسلامية، هذه الهوية التي لا يمكن تنحيتها جانباً في الصراع من أجل استعادة الأرض وعودة الإنسان الفلسطيني إلى وطنه وأرضه.

أترك تعليقاً

التعليقات