ثورة أيلول.. وبزوغ عصر السيادة
 

طاهر علوان

الهدف الأساسي لثورة 21 أيلول المباركة، هو الإنسان وكرامته، أمنه ومستقبله ومستقبل أجياله المقبلة، والحلم الذي تحقق بعد طول انتظار لترسيخ سلطة الشعب وتحرير الوطن من الهيمنة والتبعية والاستغلال، واقتلاع الفساد والمفسدين، وبناء دولة قوية قادرة وموحدة بمؤسساتها المدنية، وخالية من شوائب الماضي القهرية التي عانى منها الشعب اليمني طويلاً وكثيراً في ظل مختلف الأنظمة .
ثورة أيلول ولادة شرعية، ومشيئة شعبية فُرضت، وإرادة كان لابد لها أن تكون انتصاراً رائعاً وخالداً، وملاحم بطولية في الجبهات والمحاور تتضاءل دونها المعجزات، ومسيرة على الصراط الصحيح صوب اتجاه طموحات وأماني وأحلام المعدمين والمستضعفين لتحقيق أحلامهم في العدل والمساواة والحياة الكريمة والانعتاق من واقع الهيمنة والاستغلال والعبودية والوصاية واحتكار الفئات الظالمة للثروة السيادية، ثورة عادلة ومسيرة مباركة حباً وعطاءً، سلاماً وخيراً، أرواح ممتدة إلى فضاءات الحرية والعدل والمساواة وبناء الغد، الأمل، والحلم، والهدف.
لم تخرج ثورة أيلول عن المسار الطبيعي للثورات الإنسانية المقاومة للظلم والاستغلال والوصاية في العالم، وعن المشروع الثوري والحق الإنساني بأن يعيش الشعب اليمني حراً سيداً لنفسه كريماً على أرضه يقاوم كل من يحاول استعباده وإخضاعه وإذلاله والتحكم بمقدراته الوطنية والإنسانية.
هذه الحقائق تحولت إلى كابوس مخيف أقلق دول الاستكبار والجبروت والطغيان والاستعمار الذي يحاول ترتيب أوضاع المنطقة وتقسيمها حسب أحلامه القديمة/ الجديدة في امتلاك ثرواتها واستعباد شعوبها، وإلحاق اليمن ضمن قطار التبعية والعودة إلى نظام الارتهان والاستعباد تنفيذاً للمخطط الأمريكي المعد سلفاً للوطن العربي والمنطقة، وتجريد ثورة أيلول من أهدافها وسلاحها، والقضاء عليها قضاءً مادياً مبرماً، وعلى أي مظهر من مظاهر المقاومة والممانعة للمشروع الأمريكي - الإسرائيلي في المنطقة.
الموافقة على تلك الخطوات والمبادرات الاستسلامية تساوي الانتحار السياسي، وخيانة عظمى بحق المشروع الثوري المقاوم والمقدس، ولعل تلك القوى تدرك عن يقين أنهم يطلبون المستحيل: يستحيل زحزحة الثورة عن مبادئها وتجذرها الاجتماعي وتعاونها وتحالفها مع القوى الوطنية الأخرى المعادية للتبعية والتوجه الأمريكي والنفوذ السعودي العدو التاريخي للشعب اليمني، مَنْ فرض الوصاية، ونهب الموارد، وخنق الحريات، عدو متخلف متصحر لا تشبعه ثروة ولا ضحايا، ولم تتمكن كل الوسائل الحضارية وكل المحاولات المدنية والضمير الإنساني النقي، من الولوج إلى منظومته الفكرية والثقافية، إلى سلطته السياسية وعقول ووجدان حكامه القصَّر المتهورين. 
ثورة أيلول توفرت لها القيادة السياسية الحكيمة صانعة هذا الزمن المتفرد والثابت والصلب، قيادة صهرتها المعارك والحروب المتصلة ضد الاستبداد والاستغلال، قيادة نمت جذورها عميقاً في أرض المعركة التي تقودها، وانتشرت فروعها لتغطي مختلف أنحاء الوطن، قيادة تؤمن إيماناً لا حد له بالشعب وقدراته على إنجاز المعجزات، ويؤمن بها الشعب من خلال تجارب مريرة وعبر قتال سنوات قاسية، ومن خلال المعارك والانتصارات في جميع الجبهات والمحاور، ومن خلال الواقع الحي لا الأحلام والأوهام، نما خط سياسي واضح، أهدافه، ووسائله محددة أمام كل الجماهير، خط يقود الجهاد والمواجهة، ويرتبط به الجميع، ويتحاسب على أساسه الجميع.

أترك تعليقاً

التعليقات