إرهاب بـ«الإرهاب»
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -
من الصعب أن يفهم المرء هذا الجنون العاصف للقوة الأمريكية المتوحشة، وهو يجدها فجأة، بعد تفجيرات برجي نيويورك في 11 سبتمبر 2001، ترتع بمحض إرادتها في البربرية والهمجية والإرهاب، قبل أن تجف دموعها تظهر صفاقة وجهها وتمارس ما هو أبعد من عملية القرصنة والإرهاب وأسوأ حالات اللصوصية العالمية والاندفاع في القتل والتدمير والمذابح وسرقة الثروات بحجة "مكافحة الإرهاب".
أمريكا تسعى لبناء إمبراطورية أوسع هيمنة من أي كيان آخر، وتنتهج سياسات تحكمها الرغبة في الاكتساح والغزو والإرهاب، وتميل إلى منطق احتكاري استعماري وعولمة العالم بمشروعها الفاشل في أهم المناطق ثروة بترولية ومواقع استراتيجية... لكنها وجدت نفسها مع خصوم ليسوا أقل منها قوة وإرادة وقضية، قوة تمنعها من أن تكون القوة الوحيدة القادرة على إخضاع المنطقة لإرادتها.
أمريكا اخترعت تفجير برجي التجارة العالمية، ووظفتها لتغطية طموحاتها الاستراتيجية السياسية والاقتصادية والعسكرية، ووسعت مفهوم الإرهاب وطبقته على نضالات الشعوب المضطهدة والمقاومة للهيمنة الأمريكية، فصارت المقاومة وتحرير الأرض والثروات النفطية من نفوذ الشركات المتعددة الجنسيات إرهاباً، والتحرر من الوصاية الأمريكية والسعودية إرهاباً، ورغبة الشعوب في بناء حياة مستقلة بعيداً عن تحالف العدوان الكوني بقيادة السعودية إرهاباً...
وكل تلك الجرائم البشعة التي ترتكبها أمريكا في العالم تغطيتها وذريعتها "مكافحة الإرهاب"، واستطاعت أمريكا وضع جميع طاقات العالم الإمبريالي في خدمتها، وألزمت الغرب بفرض حصار اقتصادي على دول عربية وإسلامية مثل اليمن وسورية وإيران، ومعاقبة الشركات الغربية التي لا تتقيد بالحصار.
كان الإرهاب ظاهرة هامشية في السياسة الدولية، وصار ظاهرة مركزية ومحوراً جوهرياً من محاورها، وسعت أمريكا لإعطائه شرعية دولية، وألزمت نفسها جعل "مكافحة الإرهاب" أولوية أولى في سياساتها. غرض أمريكا من ذلك فرض الأسس والقوانين الأمريكية، وجعلها الخط الموجه للتطبيقات الدولية، ونقل المعركة ضد الإرهاب من معركة هدفها فرض نواظم ومعايير شرعية معترف بها دولياً تقنن العنف الدولي إلى معركة ثأر أمريكية "إسرائيلية" من دول بعينها لمجرد أنها تأخذ بنهج لا يعجب أمريكا ولا يخدم مصالحها، وتحويل الإرهاب إلى أداة إرهاب أمريكي يمارس على العالم، واستخدام الإرهاب كأداة للسيطرة وإخضاع العالم، وتقيد أمريكا بالإرهاب حرية الدول ومصالحها وتمنع شعوب العالم من مقاومة مشروعها وطموحاتها وسياساتها، فإن هي قاومتها اتهمتها بممارسة الإرهاب وتعرضت للعقوبات التي تصل إلى حد فرض حصار كامل شامل كما هو حاصل الآن في اليمن وسورية وإيران ولبنان.
وللعلم فإن أمريكا هي أصل الإرهاب، وراعية وممولة له، وفاقت سائر دول العالم الأخرى في ممارسة جميع ضروب الإرهاب وصنوفه من الإرهاب الفردي إلى إرهاب الدولة، فإرهابها أشمل وأكمل إرهاب عرفه التاريخ، ولم يسبق أن واجه العالم أزمات إرهابية متفجرة كما ونوعاً كما هو حاله اليوم في ظل عولمة أمريكية إرهابية مستغلة لخيرات الشعوب، مستمرة في محاولاتها الإرهابية للقضاء على أنظمة وسياسات تعتبرها عوائق وحواجز أمام مشروعها وطموحاتها الإرهابية، ومحاولة القضاء عليها بكل أنواع الأسلحة الفتاكة والمحرمة والوسائل العسكرية المتطورة والحصار الاقتصادي واتهامها بالإرهاب، واليمن خير دليل.

أترك تعليقاً

التعليقات