حضور ثقافي وغياب سينمائي
 

طاهر علوان

طاهر علوان الزريقي / لا ميديا -

لا تستطيع السينما اليمنية أن تتخطى العوائق والصعوبات التي تواجهها في غياب ومساعدة الوزارة، والدولة والمنتجين، وأيضاً غياب خطة وسياسة سينمائية واضحة المعالم تجسد هوية السينما التي تخاطب إنسان العصر بلغة تحترم مشاعره وعقله وذاته، رافضة سياسة الخضوع والاستسلام للواقع السينمائي القائم على الابتذال والإسفاف والاستهانة بحرية وكرامة الإنسان والدعاية المجانية للسياسة الإمبريالية والمجتمع الاستهلاكي دون تنمية ثقافية مقاومة للطغيان، ولا بد من الاعتماد على الذات والانعطاف نحو الوطن والأرض والتراث، والاقتباس من معاناة الإنسان اليومية بخيرها وشرها، ومن إشراقة السماء ورائحة وخيرات الطين، ونحو السيرة الذاتية لعظماء الأمة والشهداء ومخزون الذاكرة الشعبية الحية، كي يكون الإنتاج الفني أصيلاً نابعاً من الوجدان مرتبطاً بالواقع ويعكس خصائصنا، وليس تقليداً ممسوخاً لخبرة مكتسبة، أو نزوة عصرية عابرة، عملاً فنياً يرتكز حول الانسان والتعبير عن أحلامه وانتصاراته وإخفاقاته ونضاله وحريته واستقلاله وكرامته ومقاومته للشر والعدوان، وتوظيف السينما كسلاح ثقافي ينشر الوعي، وكأداة فنية وسياسية واجتماعية، ولها مردود اقتصادي ضخم، وسلاح سياسي في الصراعات الأيديولوجية وتأكيد الهوية الوطنية.  لا بد أن تحظى السينما كضرورة عصرية سياسية واجتماعية وثقافية من قبل ثورة المستضعفين بالاهتمام والدعم وتفعيلها لا من حيث الإنتاج السينمائي فحسب، بل ومن حيث الوصول إلى صناعة سينمائية متطورة.
 الثورة استمرارية وتحدي ونبض هذا الشعب وصرخته الحماسية وتغييرات جوهرية وجذرية في كل جوانب الحياة، ابتداء من السياسة وانتهاءً بالسينما الثورية الوطنية التي تعكس صمودنا ونضالنا ومسيرتنا الثورية نحو تحقيق حياة أكثر عدالة وتحرراً وأوفر ثراء ورخاء وأعظم جمالاً وروعة، سينما مرتبطة بمشروعنا الثوري الاجتماعي وأهدافنا السياسية الإنسانية السامية، وآمالنا وطموحاتنا وهموم مجتمعنا، سينما تستلهم الجانب المضيء في موروثنا وتكشف وتعري الجوانب المظلمة في ممارساتنا اليومية، وتعمق آفاق الثقافات الإنسانية بقيمها الحضارية المتطورة وبوسائل العصر ولغته وتقنياته (الصورة والحركة).
مسيرتنا الثورية الحضارية تفرض علينا اجتهادات منهجية تتجاوز الرؤى المغلقة لتلك الأنظمة الكرتونية، مشيخات الخليج والسعودية، وتفرض على المستضعفين في الأرض تغيير تلك العلاقات الفاسدة والمتخلفة للأنظمة السابقة، علاقات القهر والاستلاب والبؤس الاجتماعي والجهل والنهب والتدمير المتعمد والمزدوج من قبل الوصاية السعودية والإقطاع والعسكرتارية والبرجوازية الطفيلية. 
السينما ضرورة اجتماعية وثقافية وسياسية، لتأثيرها وإسهاماتها في تشكيل العقل والوجدان الإنساني، وتهذيب سلوك الجماهير، وأيضاً تشكيل الواقع وتغييره نحو الأفضل. وتطور السينما في أي مجتمع، وفي فترة زمنية معينة، يخضع لشروط موضوعية ومادية ومستوى رقي وتطور المجتمع ومتطلباته وحاجاته المادية والروحية. فالفنون بشكل عام محصلة معطيات الوضع الاجتماعي والسياسي ونتيجة حتمية للتطور الإنساني.
السينما أكثر الفنون اقتراباً من الجماهير ومن أي فن آخر، وتستطيع أن تخاطب أكثر الجماهير أمية، وتكوينها المركب الفني والجمالي والاقتصادي يفرض وجود مؤسسة واعية تديرها وتوجهها وطنياً واقتصادياً لتواكب وتتزامن مع أهداف وتوجهات ثورة أيلول لتشكل ملامح السينما الوطنية الثورية وكأداة لدعم الثورة ومشروعها المناهض للإمبريالية والوصاية السعودية والهيمنة الأمريكية، وكفن عصري يتوغل بسهولة بين قطاعات واسعة في المجتمع بقدرته الهائلة المتزامنة مع الأحداث، والتوثيق والتسجيل والإقناع والتأثير المباشر في الأوضاع السياسية والاجتماعية.  

أترك تعليقاً

التعليقات