مقاومة لا مساومة
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / #لا_ميديا -

ليس اكتشافاً عظيماً إذا قيل بأن هناك خللاً في ميزان القوى، وفي ما واجهته الأمة العربية من تحديات، والذي كان مختلاً بشكل كاسح لمصلحة العدو الأمريكي الصهيوني في الماضي لعدم وجود مقاومة حقيقية للعدوان، وفي ظل تلك الظروف العربية والدولية التي لم تنتج إلا اتفاق كامب ديفيد، وأوسلو، والعقبة، واحتلال العراق، وتبديد ثروة الأمة.
 لا مفر من مواجهة الحقيقة، والحقيقة أن العدوان الأمريكي الصهيوني يستهدف كل المناطق العربية لترتيب خريطة جديدة أو للدقة لتكوين ولايات متحدة أمريكية جديدة وتصفية كل المناوئين لها إذا مانعوا أو قاوموا هذا المخطط العدواني الذي يستهدف تصفية المقاومة بكل الوسائل الممكنة كي لا تقع الحرب وليس من اجل تحقيق السلام، بل من أجل انتصار القوى المعادية للامة العربية والهزيمة لها، فان العدوان في ذاته لا يشكل حرباً، الحرب تبدأ بالدفاع، وإذا لم تعمد القوى المعتدى عليها إلى المقاومة، فإن الحرب لا تقع أبداً مهما استمر العدوان.
حين اعتدت «إسرائيل» على لبنان في تموز 2006 وتصدت لها المقاومة «حزب الله» كانت الحرب وانتصر حزب الله، وتراجعت «إسرائيل»، القوة التي لا تُقهر في المنطقة، هزمت «إسرائيل» والدول الإمبريالية الداعمة لها، وبذلك حرم حزب الله اسرائيل من متعة التهور والغطرسة والتنزه في شوارع بيروت كما كان يحصل في السابق، لذلك كانت سياسة الدول الإمبريالية وأمريكا ضمان تجريد العربي من كافة اسلحة المقاومة التي تؤدي إلى حرب بدءاً من الرفض وكلمة لا، ومروراً بالخنادق والبنادق، أي باختصار شديد أن تتحول الهزيمة العربية من التعلم من الأخطاء والارتباط الوجداني بأرض سلبت وقيم ديست ومقدسات أهينت وعائلات شردت إلى كارثة تمحو ذاكرة الوطن والمواطن وتجعله أسير حياة بهيمية لا وجود فيها للوطن، أو الأمة، أو الدين.
وطبيعي في وضع كهذا أن يتحول تغييب العرب عن أمور حياتهم إلى غيبوبة وان يترسخ الانهيار لكي يصبح مألوفاً شأنه شأن الاحتلال والقهر والتخلف، في غياب المقاومة ووجود إيجابيات أخرى هامة في حياة العرب تجعلهم يدركون مدى عمق الهوة التي يقبعون فيها، فإن الألفة مع التخلف والتمزق والتشرذم، تصبح سائدة وسائغة المظهر والمذاق مهما تكررت أنماطها وأنواعها، ومهما ازداد حجمها ونطاقها. لا بد أن ندرك أن الانهيار بئر بلا قاع، وأن ثورة الوجدان والوعي العربي تمثل نقطة البداية نحو وعي الواقع ومخططات العدوان، لا بد من إيقاظ روح المقاومة، وكسر حلقات الخوف والتخلف واليأس. تلك مهمة ثقافية واعلامية بالدرجة الاولى، خلق وعي سياسي وثقافي وايقاظ الذاكرة الجماعية للأمة، فإن لم يستطع العرب أن يعوا أخطاءهم السابقة فإنهم سيقعون في نفس الأخطاء دائماً، يتبدل الغزاة ويبقى الغزو وآثاره مرسومة على جبين الأمة دون أن يحركوا ساكناً لتجاوزها.
 الهزائم لن تقع بفعل عدوان الغزاة الطامعين بل بفعل تقاعس العرب وركونهم لتنمية بلا نماء وأمن في ظل حراب الأعداء وبدون مقاومة.

أترك تعليقاً

التعليقات