أمريكا والسعودية ودول الخليج
 

طاهر علوان

النهب الأمريكي المحكم والمنظم للثروات النفطية السعودية والخليجية، وفر الشروط اللازمة لجبروت أمريكا الاقتصادية وتفوقها العسكري، وعزز من قدرات مؤسساتها العملاقة عابرات القارات، وسيطرتها على مجمل النواحي الاقتصادية في العالم.
النهب الأمريكي الممنهج والمعتمد على الأنظمة الرجعية الطفيلية الحاكمة في السعودية والخليج، والمتآمرة على شعوبها والأمة العربية، ساعدت ووفرت الشروط اللازمة للتخلف الاجتماعي، وإعاقة النمو الاقتصادي بكافة صوره وأشكاله، وفي مختلف مراحله.
أمريكا وتلك الأنظمة مصدر التخلف الفظيع في السعودية والخليج، وعلى صلة وثيقة، ويشكلان وحدة متجانسة في المصلحة والمصير، ولا يعتبر ذلك عفوياً، وإنما بتخطيط واتفاق مشترك لإخضاع المنطقة للتبعية واستغلال ثرواتها والتدخل في جميع مناحي الحياة باستثماراتها ومشروعاتها الاحتكارية كأداة عصرية للاستغلال والاستعمار، وكوسيلة لعرقلة وتجميد التطور الاقتصادي الإنتاجي، ولم ينعكس ذلك على الحياة الاقتصادية فقط، بل تعدى ذلك إلى تحطيم الأسس الاجتماعية، وجعلها تعيش في أحط حالات الظلام، عن طريق بث الفرقة وتغذية الخلافات الداخلية وتعميق النزعات الطائفية ونشر الأفكار الإرهابية وتطبيق سياسة تعليمية على غاية من التخلف والجهل وخلق فئات وشرائح اجتماعية فاسدة تعيش في رخاء اجتماعي وائتلاف سياسي مكرس للدفاع عن الأنظمة المتخلفة القائمة والمعطلة لكل تقدم اقتصادي وتطور اجتماعي وتأييد التبعية للسياسة الأمريكية وتبديد الثروة النفطية واستهلاكها بشراهة حيوانية، وابتلاع العائد النفطي مع الفائض الاقتصادي العمود الفقري لأية تنمية.
 الإنفاق المتزايد على المؤسسة العسكرية والتسلح لغرض الهيمنة وفرض الوصاية على دول المنطقة وامتصاص عائدات النفط بواسطة أشكال مختلفة غير منتجة، والاستهلاك المفرط للأسرة المالكة والأمراء والحاشية ومكتنزاتهم في الداخل والخارج والبنوك الأجنبية والاستثمارات في الشركات الاحتكارية الغربية، والاحتفاظ بإدارات بيروقراطية ضخمة وجهاز حكومي وصولي فاسد، وتمويل الإرهاب العالمي وشراء أسلحة أكثر تكلفة وأقل جدوى لحماية الأنظمة، وليس للدفاع عن الوطن، أثبتت التجربة الفعلية ذلك من خلال المعارك الدائرة في الحدود اليمنية السعودية، إضافة إلى الحروب في اليمن وسوريا والعراق وليبيا ولبنان.
ما ينفق على التنمية الاقتصادية والاجتماعية لا يسهم في عملية النمو الاقتصادي والاجتماعي السريع والمتوازن، المشكلة ليست في نقص رؤوس الأموال، وإنما في نقص الفائض الاقتصادي الفعلي المخصص للاستثمارات الإنتاجية، هناك إمكانية كبيرة لتحقيق معدلات نمو عالية وعالية للغاية، المسؤول بصورة مباشرة عن هذا النمو البطيء والمعدوم هو النظام الأمريكي والأنظمة الفاسدة، الجدار المانع للتعبئة الكاملة للفائض الاقتصادي، والذي بواسطته يمكن البلوغ إلى معدلات اقتصادية متقدمة، فالفائض الاقتصادي يحدد معدل التنمية واتجاهها، وأيضاً على حجم هذا الفائض وطريقة استخدامه تكون التنمية الاقتصادية وتطور القوة الإنتاجية.
العقبة الأساسية للتطوير والتنمية هي تلك البنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الفاسدة والسائدة، فلا بد من الاستعاضة عنها ببنى وعلاقات جديدة متطورة، الهوة بين الفعلي والممكن هوة صارخة. إمكانية التطور والنمو متوفرة وبدرجة هائلة، ولكن كيف يمكن الانطلاق السريع في طريق التطور والنمو المتوازن؟ الحل الجذري يكمن في الثورة الاجتماعية، أي في تغيير تلك الأنظمة المتعفنة التي ليس لها رصيد شعبي حقيقي، وتعيش في ذعر من الجماهير الساخطة والجائعة. تغيير البنى والعلاقات الاقتصادية والسياسية السائدة المتخلفة لتحرير الفائض الاقتصادي ووضعه تحت تصرف المجتمع لاستخدامه وفق أسلوب عقلاني رشيد، ولا يعني ذلك أن الطريق سهلة، ولكنها ليست مستحيلة، ما يحدث الآن في اليمن من حصار اقتصادي وقصف جوي وتدمير وترويع وتجويع وإبادة جماعية خير مثال، وكل ذلك نتيجة حتمية متوقعة.
للتحرر أثمان باهظة، وتضحيات جسام، وبرغم ذلك لابد من الانعتاق من العبودية ومعانقة شمس الحرية.

أترك تعليقاً

التعليقات