يمن ديمقراطي موحد (2)
 

طاهر علوان

طاهر الزريقي / لا ميديا -

الوحدة اليمنية مشيئة شعبية فرضت، وإرادة كان لا بد لها أن تكون انتصاراً، الشعب وحده صانع التاريخ ومصدر السلطات وصاحبها الشرعي وحاميها، ولا سبيل إلى إنكار تلك الحقائق أو محاولة تفسيرها وفق أهواء النخبة والمرتزقة حلفاء العدوان الكوني ومخططاته في تقسيم اليمن وخلق النزعات الطائفية والقبلية والحروب الأهلية والفوضى الخلاقة التي هي ضمن المشروع الأمريكي لتدمير المنطقة ومسخها إلى أمم تتقاتل في ما بينها لكي تديرها بذكاء إرادات خارجية عدائية، تلك الحقائق تؤكد طبيعة ما يخطط ضدنا كشعب يقاوم زحف الأطماع الأجنبية، والمؤامرات الدنيئة على كل موروثاتنا التاريخية، وعلى بهائنا الحضاري، ووحدتنا الديمقراطية، وقيمنا الروحية، وثقافتنا ونمط تفكيرنا، شعب يقاوم تاريخاً ثقيلاً من استعمار ووصاية واحتكار، من تنكيل بأطفالنا ونسائنا ومسنينا، وذبحنا من الوريد إلى الوريد، تلك المخططات الاستعمارية تنفذها "الشقيقة الكبرى"، وتعمل بكل حقد على تمزيقنا وتقطيع أوصالنا بأفظع الأساليب الممكنة، بالحروب الأهلية، بإثارة النعرات القبلية والطائفية، بمشروع الأقاليم، واختلاق "شرعية زائفة"، الشقيقة الكبرى استباحت لنفسها قتلنا وتدمير كل مؤسساتنا الحياتية، وإبادة كل من يقف ضد المشروع الأمريكي، مشروعنا التحرر من الوصاية وبناء الدولة الوحدوية الديمقراطية الحقة، والانتصارات الرائعة التي تحققت هي نتاج الوحدة الحقيقية بين جميع مكونات المجتمع.
لحظات تاريخية أعظم ما فيها يقينها بعصر الشعوب ووحدتها، فهل تدخل تلك الفئات الضالة الانفصالية عصرنا الوحدوي، قبل أن تفوتها اللحظة التاريخية الخالدة، وضبط المصير على إيقاع تحرري وطني وحدوي، بدلاً من استمراره على إيقاع جنائزي له صدى الملاحم في تاريخ ضمور الشعوب واضمحلالها؟
لحظات شكلت بداية المسيرة على الصراط الصحيح صوب اتجاه تحقيق آمال وأحلام الشعب اليمني وأجياله، لاستكمال الأهداف التاريخية والانطلاق نحو الوحدة الحقة، والديمقراطية الشعبية، والانعتاق من العبودية والإقطاع، وعفونة سياسة "الفيد"، وكل مآسي الماضي المنتشرة في جسمه من أورام القهر الاجتماعي، وتقيحات الوصاية السعودية، وخنق الديمقراطية الشعبية واحتوائها تحت إبط ديمقراطية السلطة الفاسدة.
مشكلة الديمقراطية لا يمكن حلها إلا بالمزيد من الديمقراطية، وسقف الديمقراطية لا يمكن أن يكون إلَّا الديمقراطية ذاتها، ولا يعدو حلم الرافضين لها غير الزبد الذي يذهب جفاء، أو الخرافة التي لم يعد لها في قاموس العصر أية مكانة، هدفنا ونضالنا من أجل وحدة حقيقية تستطيع أن تحقق المعادلة بين الديمقراطية في بعدها السياسي، والديمقراطية في بعدها الاجتماعي، ولكي نحقق تلك المعادلة لا بد أن توجد قاعدة مادية واقتصادية حقيقية، لأن حقوق الإنسان ليست فقط رعايته سياسياً، ولكن حمايته من الجوع والفقر والبطالة، وحدة تحمي الرأي والرأي الآخر، وإعلاء شأن العقل حيثما كان موقعه، وإعطاء المثقف والعالم المكانة اللائقة لقيادة المجتمع، ورفع سقف الموازنة في مجال التعليم والثقافة، ولا يمكن بناء مجتمع سليم قوي متماسك بدون ثقافة وعلم.
التنمية الحقيقية هي تنمية الموارد البشرية، ونحن في ظل التشطير والشتات والحروب الأهلية لا ننمي مواردنا البشرية، بل إننا نفقدها باستمرار، وأيضاً نفقد كياننا خارج إطار الوحدة لاستمرار استقطاع أراضينا مادامت مجزأة، وسنظل عاجزين عن استخراج مكنونات أراضينا، ومن الأقدار أن أماكن الموارد الطبيعية الثقيلة المخزونة هي في أماكن الحدود الوهمية.
الوحدة قدرنا، ولا نستطيع أن نستثمر مواردنا الطبيعية، ومواردنا البشرية بشكل فعال، خارج إطار الوحدة اليمنية الديمقراطية.

أترك تعليقاً

التعليقات