صديقي الذي فـي الرياض
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

يتفحَّصك كما لو أنه قاضٍ ينظر إلى متـَّهم. يتفحَّص مقاسات ثوبك الذي لا بد أن يكون قصيراً. يقترب منك ليشمَّ رائحة فمك خشية أن تكون مدخناً والعياذ بالله. ثم يبدأ في الحديث معك بحذر شديد كما لو أنه يتحدث مع قاتل تسلسلي! لا أدري حينها لماذا خطرت على بالي هند بنت عتبة حين عادت إلى بيتها لتنام بعد أن أكلت وجبة غدائها من كبد حمزة! 
كان يؤمُّنا للصلاة في المسجد المجاور، وكان أميناً لمكتبة المسجد. ذات يوم أعطاني كتاب "لا تحزن" لعائض القرني، فقلت له: لا احتاجه، لأنني لست حزيناً ولا أنوي أن أحزن. لم أكن أحب هذا المؤلف، ولا هذا الكتاب الذي لم أكن أعلم حينها أنه مسروق من كتاب "لا تيأس" للكاتبة سلوى العضيدان.
بعدها أعطاني أشرطة كاسيت تحتوي على قراءات شعرية للشاعر السعودي عبدالرحمن العشماوي. سألته: لماذا كل شيء لديك سعودي فقط؟! أليس لديك مؤلفون وشعراء عرب غير هؤلاء؟!
طلب صداقتي على "فيسبوك"، قبل أيام، وكتب لي من الرياض ينتقدني: لماذا لا أقف مع الشرعية؟! ولماذا أفرح كلما انطلق صاروخ باتجاه أرض الحرمين الشريفين؟!
لماذا أفرح؟! يا له من سؤال غبي!!
ربما أنه لا يرى ما تفعله بلاد الحرمين باليمن منذ ما يزيد عن أربع سنوات، ولا يعرف أن هناك آلاف الأطفال والنساء الذين قتلتهم طائرات الحرمين، وأجازت سفك دمائهم فتاوى البكَّائين في الحرم! فمن كان في الرياض لن يرى سوى ما يريده أرباب نعمته، وكأنه أصبح مصاباً بعمى الألوان فصار لا يفرق بين الماء والدماء!...
حدثني عن المدِّ الإيراني في اليمن، فضحكت وذكَّرته بتلك الكتب الصفراء التي كانوا يضعونها في مكتبة المسجد عن فساد عقيدة الرافضة، والأباطيل التي كانوا يلفقونها لأصحاب الطائفة الإسماعيلية، والتكفير الذي لم يسلم منه أحد، والتقديس لمحمد بن عبدالوهاب الذي لا يعدو أن يكون نسخة مشوهة من ابن تيمية...
أستغرب من الإخوان المسلمين حين يدَّعون الوطنية وحب الوطن الذي تركوه وذهبوا إلى الرياض لتأييد الحرب السلفية، "الحضارية"، الحاقدة على اليمن أرضاً وإنساناً.
بإمكانك صديقي الإخواني أن تختلف مع الحوثي فكرياً وسياسياً وعقائدياً، وبإمكانك أن تنتقده، وأن تواجهه في الجبهة وتقاتله ما دام هذا من أجل الوطن كما تدَّعي؛ لكن من العار أن تقف في صف السعودية وتؤيد عدوانها على اليمن نكاية بالحوثي فقط.

أترك تعليقاً

التعليقات