مفارقة
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -
حياتي هادئة كمطب كبير، ليس فيها ما يغري بالاكتشاف..
ليس لديَّ صور في طفولتي.. لم أكن وسيماً بما يكفي لامتلاك ألبوم صور..
كانت الصورة المدرسية (أبيض وأسود) إجبارية، وكنت أقترب من القنديل الكبير وبجانبه مظلة فضية، ليبدو البياض أكثر في الصورة، رغم الخدوش التي تملأ وجهي.. يقول لي المصور: انظر إلى إصبعي، وأنا أحدق في إصبعه لأركِّز عيني عليها، وهو يأمرني ألَّا أبتسم، فأكتم نَفَسي كأنني في رحلة غوص، وأنفجر بالضحك.. وبعد أن قام بتحميض الصور قال لي: الصورة أجمل من الأصل...
تغيرت ملامحنا خلال هذه السنوات، وتغيرت نفسياتنا. كل يوم نقف أمام المرآة لنعد الشعر الأبيض الذي يغزو رؤوسنا ووجوهنا بكثافة، ثم نتحجج أن هذا الشعر الأبيض بسبب العطر، فنتذكر أننا لم نتعطر منذ سنوات.
حين تلتقي صديقاً مر على انقطاعكما عامان لا تكاد تعرفه، ويكون أول سؤال: (مالك شيبت)؟ فيكون الجواب: (وقتنا، ما عد باقي)؟
ما عد باقي! تقول هكذا رغم أنك في أواخر الثلاثينيات، وكأنك عشت بما يكفي لتمل من الحياة وتجلس على عتبة بيتك تنتظر الموت!
ما عد باقي! أشعر بهذه العبارة كمطرقة كبيرة تكسر كل يوم واحداً من مفاصلي.
لم يتبق سوى القليل من المفاصل لينتهي هذا السيناريو المرعب.

أترك تعليقاً

التعليقات