من هم الرافضة؟
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

كيف سيتقدم العقل العربي وبداخله قداسات وأشخاص وأئمة، وماضٍ زاخز بالعبيد والجواري ورواة الأحاديث الموضوعة وتجار الرقيق والفتوحات، ومشائخ الإسلام الذين أصبح كلامهم من المسلّمات، وباب اجتهاد مغلق، وباب سقيفة مفتوح حتى اللحظة، وأشخاص نضعهم في ميزان الأنبياء، وما زلنا نصلي ونسلم عليهم إلى اليوم.
أغلقوا باب الاجتهاد في وجوهنا، وكأنهم وصلوا إلى منتهى العلوم البشرية، لأنهم لم يكونوا يدركون أن هناك أزمنة غير زمنهم، وأن هناك علوماً وعقولاً ستغير مجرى العالم.
أقنعونا أن التساؤل يوصل إلى الكفر والشرك، وأن القراءة خارج كتبهم تؤدي إلى اهتزاز عقيدتك، وأن قراءة الروايات وكتب الفلسفة ستوصلك إلى الإلحاد، وعليك ترك أي نقاش لكي يبني الله لك بيتاً في الجنة، مع أن الأمر هو الخوف من فكر الطرف الآخر الذي تقوم بالنقاش معه كي لا يقنعك أنك على خطأ، فهؤلاء المشايخ لا يريدون لأي فكر أن يدخل رأسك كي لا تسقط كل أفكارهم ويتلاشى احترامهم ويظهر كذبهم حين تتعلم أكثر.
يريدون أن يبقى الناس في دائرتهم ويعتنقون أفكارهم لكي يسهل عليهم قيادتهم والتحكم بعقولهم، وهذا ما هو حاصل منذ 1440 سنة.
ذات يوم كنت أتحدث مع صديق يسكن بجواري منذ عشر سنوات، صديق مبتسم ذي أخلاق يخجلك بلطافته وبشاشته، وأهله من أنبل الناس الذين عرفتهم. في اليوم التالي استوقفني إمام الجامع المجاور، وقال لي: بالأمس رأيتك تتحدث مع فلان...؟! قلت له: نعم، هو جاري وصديقي! ...قال لي: أعلم، ولكن كن على حذر منه ولا تدخل معه في أي نقاش، لأنه شيعي، وإن رأيتَ أنه قد اقترب من إقناعك بفكرهم فاهرب منه، لأنه سيستطيع إقناعك بحجج قد تراها قوية! نعم، اهرب، فإنه ليس هو الذي يتحدث، وإنما الشيطان يتحدث على لسانه... قلت له: هو جاري منذ عشر سنوات، ولم أعرف أنه شيعي إلا اليوم منك، لأني أتعامل مع الناس بإنسانية بعيداً عن الدين والمذهب والمنطقة التي ينتمي إليها.
دخلت بيت صديقي الشيعي كثيراً وكنا نخزن عنده، وفي مكتبته كتب البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن كثير وابن ماجة و"ظلال القرآن" و"رجال حول الرسول"... بينما في مكتبة المسجد وضع هذا الإمام قائمةً تحوي أسماء بعض الكتب وكتب عليها بخط عريض: لا تقرؤوا هذه الكتب فإنها كتب الرافضة.
منذ ذلك اليوم أتساءل: من هم الرافضة، إن لم يكونوا هم الذين يرفضون فكر الآخر؟!

أترك تعليقاً

التعليقات