موسم الموت
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -

قبل أيام سقط شخصٌ من سطح الدور الرابع وهو يلاحق تغطية الشبكة، وبعد ارتطامه بالأرض وقف على قدميه يتحسس نفسه، غير مصدق أنه مازال على قيد الحياة.
في اليوم التالي عزم أصدقاءه وأقام مأدبة غداء احتفاء بنجاته.
قبل الغداء خرج إلى الفرن ليشتري خبزاً فدهسته سيارة حتى طمست معالمه.
تذكرت ذلك الفيلم الذي يتحدث عن خطط الموت وتربصه بالبشر.. تذكرت كل الحوادث المرعبة التي تشعر أنها تحدث بمخطط مخيف.
موتٌ بالجملة.. لم يعد أحد يذهب لعزاء أحد.. وكلما مات شخص نسيناه بوفاة آخر.
ينطبق على هذا قول «الرائي» البردوني:
فوجٌ يموت، وننساه بأربعةٍ
فلم يعد أحدٌ يبكي على أحدِ
وفوق ذلك، ألقى ألف مرتزقٍ
في اليوم، يسألني: ما لون معتقدي؟
بلا اعتقادٍ.. وهم مثلي بلا هدفٍ
يا عمّ ما أرخص الإنسان في بلدي.
تدخل الفيس بوك فيخيَّل إليك أنك دخلت مقبرة..
تقرأ منشوراً لشخص ينعى والده، وفي اليوم الثاني تقرأ نعياً لهذا الناعي.. وهكذا، سلسلة طويلة من الموت، تجعلك تتحسس أطرافك كل يوم لتتأكد أنها مازالت تتحرك، وأنك مازلت على قيد الحياة.. رغم أنه «قيد» لكننا نتشبث به.
كورونا ليس كما تصوِّره القنوات بتهويلها الإعلامي، لجلب أموال المنظمات والصناديق الداعمة لمكافحته.. ولا أقول إنه غير موجود، إنه موجود بالفعل، وبظني هناك وباء آخر إلى جانب كورونا، كما هو حاصل في عدن.
لستُ ممن يؤمن بنظرية المؤامرة، لكن في هذه الحال أشك أن السعودية والإمارات بريئتان من هذا الموت الذي يحصد اليمنيين كأنه آلة لا يشبع نهمها شيء. وقد حاولوا نشر فيروس كورونا عبر إدخال حافلات مليئة بالمغتربين، وعبر السفن، لأنهم لم يحققوا أي نصر سوى هذه الخساسة.. ولا أشك أن هاتين الدولتين كانتا السبب وراء نشر وباء الكوليرا في العام الماضي.
خسرت السعودية والإمارات في كل الجبهات، وسقطوا إنسانياً وسياسياً وعسكرياً.. أما أخلاقياً فلم يكن لديهم أخلاق من قبل حتى تسقط، لأنهم وجدوا أنفسهم هكذا، خالين من كل قيم ومن كل أخلاق.

أترك تعليقاً

التعليقات