شهارة.. والسُّرَّة المدفونة
 

عبدالمجيد التركي

عبدالمجيد التركي / لا ميديا -
من التجارب التي تركت أثراً عليَّ، كنت أسمعهم في طفولتي يتحدثون عن الجن، وكان بيتنا في القرية مبنياً على طرف الحيد الشاهق، وليس أمامه سوى الفضاء المفتوح والسحاب، وحين انتقلنا إلى العاصمة بقي البيت مغلقاً لعشرين عاماً، وحين فكرت بزيارته قيل لي: سيكون الآن مسكوناً بالفعل، وهذا ما يجعلني أتردد أمام المنزل المهجور.
هذه التجربة تفتح باباً واسعاً لفهم علاقتي بالمكان والذاكرة والخوف من المجهول. يبدو أن البيت في القرية لم يكن مجرد مكان عادي بالنسبة لي، بل كان يحمل صبغة أسطورية، حيث امتزجت ذكريات الطفولة بالحديث عن الجن والغموض المحيط بالبيت المهجور...
هذا البيت ولدتُ فيه، وعشت فيه سنوات طفولتي الأولى، وأنا مرتبط به روحياً ووجدانياً، وأراه في أحلامي باستمرار، وأتمنى أن أعود لأعيش فيه لأنعم بهدوء القرية، وأستنشق هواءها الجميل. نعم، تغيرت علاقتي به من مجرد مكان في الطفولة إلى فكرة شعرية وروائية، لأن الحنين يشدني إليه كل يوم.
أنا لا أستعيد طفولتي فحسب وكأني أعيشها مرة أخرى، بل أرى طفولتي وأعيشها بالفعل، وسيكون أبي حاضراً في النص، بل سيكون هو روح النص وشمسه وقمره. يقال إن الإنسان يحن إلى المكان الذي دُفنت فيه «سُرَّته»، وأنا سرتي مدفونة في شهارة، والسرة هي جزء مني.

أترك تعليقاً

التعليقات