غزة تستنفر شعب العزة
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
محور المقاومة مسمى عُرف وردد، ولكنه لم يُقدَّم واقعياً وعملياً إلا من خلال "طوفان الأقصى" وما تبعه من عدوان وإجرام وإبادة جماعية في غزة.
فـ"طوفان الأقصى" قَدَّم حماس والمقاومة الفلسطينية في ملحمة والتحام بمحور المقاومة، وهذه الملحمة أعطت محور المقاومة أقوى أرضية انتماء عروبي وإسلامي يتجاوز ما زرعه وكرسه أعداء أمتنا، وتحديداً أمريكا و"إسرائيل".
فهم أرادوا أن تظل حماس في اقتتال داخلي مع الفصائل الأخرى، وظلوا يطلقون على من يتبنى خط المقاومة وصف "أذرع إيران"، ربطاً بالمذهبية الشيعية. لكن سُنية حماس أضعفت هذا العنوان، إن لم تكن أسقطته.
ربما انضمام اليمن في هذا السياق إلى محور المقاومة، وقيامه بدور محوري، أربك أمريكا والكيان "الإسرائيلي" في المخطط أو الاستراتيجية، فهذا الدور اليمني خنق كيان الاحتلال وأوصل اقتصاده إلى ضُعف غير مسبوق منذ تأسيسه.
اليمن كذلك لا ينتمي مذهبياً للشيعة "الإثنى عشرية"، ولهذا فكل حملات "المجوسية" خفتت ثم اختفت. ولكن الأهم هو أن عنوان "أذرع إيران" وجّه له اليمن بعد فلسطين المقاومة الضربة القاضية، لأن من أسسوا وأرسوا هذا العنوان ارتكزوا على المذهبية، وذلك ما انتفى في الموقف اليمني والمقاومة الفلسطينية.
لأن أمريكا أسست وأرست أن إيران هي العدو للعرب، وأن "إسرائيل" هي الصديق والحليف، بل والشقيق إن أمكن، فأطراف وأطياف الصهينة والأمركة في مأزق سحب البساط من تحت أقدامهم من اليمن وفلسطين؛ لأنهم في الواقع والوقائع أثبتوا أن المسألة والقضية هي فلسطين، ولم يعد في ظل ذلك من معنى ولا قيمة ولا تأثير لعنوان "أذرع إيران".
ولأنه لا بديل لديهم عن ذلك فسيظلون يستعملون العنوان ذاته حتى وهم يدركون أنه تهالك وتآكل وانتهى، واستمرار استعماله هو خواء وإفلاس سيصب في المحصلة حتماً وبالتأكيد لصالح محور المقاومة.
مثلما أن عبدالناصر والقومية العربية كان ولا يزال مشروعها فلسطين، فإيران منذ ثورتها الإسلامية جعلت فلسطين مشروعها، وتلقائياً توحد المشروع القومي الإسلامي في واحدية فوق كل مشاريع الأمركة والصهينة.
ولهذا فاستعمال عنوان "أذرع إيران" لم يعد له من أثر أو تأثير غير كشف من ساروا في خطى وخط الأمركة والصهينة.
دعوني أعترف بأنني لم أكن من المهتمين بـ"الصرخة"، و"طوفان الأقصى" والإبادة الجماعية تجعلني أول وأكثر من يصرخ بـ"الموت لأمريكا والموت لإسرائيل"، فيما الذين ساروا في الخط الخياني للأمركة والصهينة لا يجرؤون على ترديد صرخة مثل "تعيش أمريكا والنصر لإسرائيل"؛ لأن الخونة في التاريخ يستحيل أن يجاهروا بخيانتهم، فتراهم في تيه البحث عن شعارات وبدائل من الفبركات والتلفيقات التي يزيدها الإخفاء تعرية وانفضاحاً.
ومن تابع وشاهد المظاهرات اليمنية المناصرة لغزة وفلسطين لا يمكن إلا أن ينذهل؛ لأن الأمطار باتت فيضانات من السماء وفي الأرض بما يدفع أي تظاهرات ومتظاهرين لانتظار أيام أخرى قادمة لتنفيذ وقفات أو مظاهرات، ومع ذلك فهذه الحشود الشعبية ظلت في ارتفاع السيول إلى ثلث قامة الإنسان.
إن هذا هو الجهاد وهو الإيمان، وليس "أذرع إيران" سوى يافطات ورفات الأمركة والصهينة، فأين أنتم من هذا الشعب العظيم ومن هذا العمل العظيم؟! ولعل الطريف تذكيركم بمحمد العرب وشعاره: "نحن هنا، أين أنتم؟!".
الشعب اليمني كل شعاراته تقول: "نحن مع فلسطين"، فهل تستطيعون أن تردوا بالقول: "ونحن مع أمريكا وإسرائيل"؟!
من يخفي حقيقته فهو الخائف والجبان، وهو النجس والخسيس والمرتزق، وغزة تحتاج لمواقف عزة.
وإذا لم يكن لديكم أهلية إيمانية وإنسانية للوقوف مع فلسطين، فما الذي يجبركم على خط الأمركة والصهينة؟! وهل مازال بإمكانكم وبمقدوركم مجرد الحياد وقد بات لديكم من الأرصدة ما يكفي أجيالاً من الأولاد والأحفاد وأحفاد الأحفاد...؟!
الشعب اليمني بهذا الموقف مع فلسطين وضد الإجرام والإبادة يعيد ومن جديد صياغة وصناعة التاريخ. إنه بهذا يسطر أنقى وأزكى صفحة في تاريخ اليمن والمنطقة، ومن حق توابع وقواقع الأمركة والصهينة أن يموتوا كمداً وغيظاً!

أترك تعليقاً

التعليقات