مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
أمريكا تسعى بكل جهدها لفك الارتباط بين المقاومة الفلسطينية وبين محور المقاومة، لتترك العدو الصهيوني يتعامل مع المقاومة والشعب الفلسطيني كما يرى أو كما يريد.
ومع أن محور المقاومة يؤكد ويكرر التأكيد كل يوم أن جبهات إسناد المقاومة الفلسطينية لا يمكن أن توقف عملياتها إلا بعد إنهاء العدوان والإبادة الجماعية بوقف إطلاق نار دائم ومستدام، إلا أن أمريكا تحديداً لم تيأس وبثقة تنبع من تقديم تنازلات نوعية، ولكن في أوراق وفي جوانب أخرى.
فهي على استعداد مثلاً لإعادة مزارع شبعا المحتلة إلى لبنان، مقابل انسحاب حزب الله وقواته باتجاه الداخل اللبناني أو ما وراء نهر الليطاني.
أمريكا كذلك على استعداد لحل المشكلة في اليمن بما يرضي الأنصار وحكومة الإنقاذ في صنعاء، مقابل وقف العمليات اليمنية في البحرين الأحمر والعربي.
أمريكا تقدر أن عرض إعادة مزارع شبعا سيزيد الضغط الشعبي لبنانياً على حزب الله ليقبل. وفي اليمن جاءت خطوة نقل مراكز البنوك إلى عدن كحرب اقتصادية، وهذا في التقدير الأمريكي سيدفع إلى رفع الضغط الشعبي على الأنصار وحكومة الإنقاذ بصنعاء للقبول بعرض أمريكي بما يحمله من مزايا وإغراءات هي بالفعل كبيرة.
ولهذا يمكن القول إن التهديد بالحرب على لبنان هو حقيقي من طرف الكيان، ربطاً بشخص نتنياهو الذي يريد استمرار الحرب حتى لو أضرت بما يسمى «الأمن القومي» لهذا الكيان، فيما أمريكا تستعمل هذا التهديد لخلق أقوى ضغط على حزب الله، وهذا الضغط سيصبح أقوى في رؤية أمريكا حين تقديم واستعمال مزارع شبعا وفي ظل الانقسامات المعروفة داخل لبنان.
ولهذا فدور نتنياهو، قائد التطرف والإجرام، هو رفع وتيرة التهديد بالحرب على لبنان، فيما أمريكا تطرح أفضلية الحل الدبلوماسي وأنها مازالت تتمسك به.
هناك خلاف حقيقي وفعلي بين نتنياهو وحزب بايدن الديمقراطي الأمريكي. ولكن كون أمريكا ترفض إنهاء الحرب على غزة فهي مع إطالة الحرب كما يريد نتنياهو والخلاف يبقى في الهوامش أو في التفاصيل.
إذن كل الضغوط الأمريكية بتابيعها وأعوانها من الأنظمة العربية لم تفلح في إثناء المقاومة في لبنان أو في اليمن، ويظل الربط بوضع وحالة غزة سيد الموقف، فذلك يعني استمرار الحرب، والتهديد بحرب على لبنان هو كما شن مثل هذه الحرب والأفضلية للمقاومة ولمحور المقاومة قد تكون في شن هذه الحرب، لأن ما سيخسره الكيان هو الأهم والأكثر والأبعد في نتائجه وتأثيراته وانعكاساته، ولم يعد في العالم غير نتنياهو ومتطرفيه الذين لا ينظرون إلى هذه الحقيقة أو الاستحقاق.
إذا سار محور المقاومة في التحامه مع بعضه ومع المقاومة الفلسطينية وفوق أي إغراءات أو ضغوط، فحتى إطالة الحرب وفق نتنياهو وسواء بالعدوات على لبنان أو بدونه، ستستنزف الكيان وحتى أمريكا فوق ما يتصورنه وفوق ما يطيقونه وفي تسارع تلقائي للمتغيرات والصراعات الدولية، وبما يمثل إسناداً نوعياً وفاعلاً لوضع وتموضع المقاومة ومحور المقاومة.
دعونا من الكيان الصهيوني في أي مواقف أو تهديدات، وتوقفوا عند كل الصيغ والمبادرات الأمريكية، ستجدوها تلك المخادعة والمطاطية، وكلها ترفض إيقاف العدوان على غزة، ربطاً بالإبادة الجماعية، وبالتالي فعروض «شبعا» أو حل المشكلة اليمنية، تؤكد الموقف الأمريكي الذي يريد استمرار الحرب على غزة وحتى الإبادة للشعب الفلسطيني وإن بتدرج يناسب المتغيرات وتحيناً للفرص.
ربما بايدن وإدارته لا يريدون حرباً على لبنان حتى إجراء الانتخابات الأمريكية، فيما «النتن» ومتطرفوه يريدون هذه الحرب قبل الانتخابات إذا كانت ستسقط بايدن وتأتي بـ«ترامب». ولكن مثل هذا الخلاف ليس جوهرياً ولا استراتيجياً ولا يستحق اهتماماً أو التفافاً إليه من المقاومة ومحور المقاومة.
تبقى مسألة الجمهورية الإسلامية في إيران التي عليها الالتحام بمحور المقاومة كشريك فعلي وأساسي في مرحلة مفصلية تاريخياً، وأن تحول التطورات المحتملة الحرب إلى حرب إقليمية، فذلك أفضل من انفراد بالمقاومة الفلسطينية أو بحزب الله، بل إنه لا خيار أمام إيران غير ذلك في خطها واستراتيجيتها ولحاضرها ومن أجل مستقبلها.
أمريكا تريد مع المقاومة ومحور المقاومة تكرار ألعابها منذ «لاءات الخرطوم» ثم ما بعد حرب 1973. وشخصياً تقلقني الألعاب الأمريكية بأعوانها وتابعيها «تبعانها» من العرب الأنظمة، أكثر مما تقلقني التهديدات الصهيونية!!

أترك تعليقاً

التعليقات