لماذا مستقبل النظام السعودي مجهول؟!
 

مطهر الأشموري

مطهر الأشموري / لا ميديا -
النظام السعودي مارس في تاريخه مواقف تكتيكية أو ظاهرية دعونا نذكر منها:
خطاباً لولي عهد السعودية آنذاك فيصل بن عبدالعزيز حين صدر قرار من مجلس الأمن لتقسيم فلسطين. في ذلك الخطاب أعلن فيصل رفضه القاطع للقرار الأممي، وأكد أنه حتى لو اعترفت كل الدول العربية بهذا القرار واعترفت بـ”إسرائيل” فالمملكة ترفض ولن تعترف بالقرار، ولن تعترف بالدولة الصهيونية والكيان “الإسرائيلي” وهذا ما ورد حرفياً في خطابه.
السعودية كلفت أمريكا برفض قرار مجلس الأمن والتعبئة ضده، فيما رئيس تونس وقتها “بورقيبة” نصح العرب بقبول القرار.
في حرب 1973 شارك النظام السعودي بكتائب ضد “إسرائيل”، وإن لم يشارك في الحرب واقعياً.
بعد توقيع مصر أول اتفاق تطبيع مع “إسرائيل” أواخر سبعينيات القرن الماضي، كان النظام السعودي الشريك الفاعل في الوصول إلى هذا الاتفاق، سار إلى الحضور في قمة عربية في بغداد سميت “قمة الصمود والتصدي”، والشريك في اتفاق “كامب ديفيد” شارك في مقاطعة مصر لأنها وقعت الاتفاق.
الذي يعنينا في هذا الاستشهاد بهذه المواقف للنظام السعودي هو أن هناك قضية مركزية ومحورية للعرب هي “فلسطين”، ومن عهد الشاه في إيران وقبل مجيء الثورة الإسلامية في إيران. وتؤكد مواقف النظام السعودي ذاته أن العدو المحوري والمركزي للأمة العربية هو الكيان الصهيوني، وفق خطاب الفيصل.
أمريكا هي التي فرضت إيران لتكون العدو البديل لـ”إسرائيل”، وهي صانعة الإرهاب بالشراكة مع النظام السعودي أساساً.
وعلى أساس أن إيران هي العدو للعرب، و”إسرائيل” هي الصديق والحليف، ومن المنظور المسعوَد هي الأخ والشقيق، فالنظام السعودي لم يعد يمانع في أن يقوم الكيان الصهيوني -وفق خطاب الفيصل- بإبادة كامل الشعب الفلسطيني كما مورس مع الهنود الحمر؛ ولكن عدم قدرة الكيان على تنفيذ هذه المهمة وبسرعة وفي هذا الزمن مقارنة بزمن إبادة الهنود الحمر يضع هذا النظام في إحراج لا يستطيع تحمله، ولم يعد من تكتيكات أو أوراق لعب تخفف من هذا الإحراج.
فالعداء للإرهاب وتفعيل الإرهاب هي قضايا من صياغة وإخراج وقيادة أمريكا، والنظام السعودي هو ثقل تنفيذ هذه الألعاب، والمال السعودي يدفع العرب الأنظمة إلى العداء مع إيران وإلى التطويع والتطبيع مع “إسرائيل”، مثلما يؤهل الإرهاب والإرهابيين ويمول حروبهم من أفغانستان والشيشان حتى سورية، فيما إرهاب مانهاتن 2001 مسرحية أمريكية للوصول إلى الذروة في استثمار الإرهاب عالمياً، وذلك ما تقر به هيلاري كلينتون، وما يشهد به وعليه “ترامب” وكثير من الكتاب والمفكرين الأمريكيين، وفي خطابه بالكونجرس الأمريكي استعان بالأسلحة الأهم المعطاة من أمريكا والنظام السعودي، وهما العداء لإيران والإرهاب. وهنا تطرح الأسئلة التاريخية:
أين خطاب الفيصل الرافض للاعتراف بالكيان الصهيوني حتى لو اعترفت به كل الأنظمة العربية؟!
لماذا شارك النظام السعودي في حرب 1973 ضد “إسرائيل”؟!
ولماذا لم تكن إيران عدواً حينها مع أن شاه إيران هو من اشترى الجزر الثلاث الإماراتية وليس الخميني أو الثورة الإسلامية؟!
لماذا قاطع النظام السعودي مصر بعد اتفاق “كامب ديفيد” مع أن مثل عُمان رفضت أن تقاطع مصر؟!
أقول للنظام السعودي بأن القومية العربية موجودة وقائمة ومستمرة وإن توهم هذا النظام وأمريكا أنهم أنجزوا ذلك، وما جرى في فترة الهيمنة الأمريكية هو تطويع أنظمة أمريكياً وصهيونياً وإلى حد الإذلال، وإذا الأنظمة الخاضعة الخانعة لم تعد مع تفعيل هذه القومية فالشعوب تتململ على أنظمتها وستعيد مسار التفعيل القومي وفي زمن لن يطول كثيراً.
أقول للنظام السعودي إن الفكر والتفكير القومي قد وصل إلى نضوج وسقف وعي لا يتصورونه، وبات يلتحم التحاماً حميمياً وحقيقياً بالإسلام الصحيح والنقي، وبذلك فالقومية كنضوج تجاوزت اندفاعات مدة غير المحسوبة في السابق، ولم يعد ينجح بمثل لعبة صحوة قومية وصحوة قومية، فالصحوة القومية الإسلامية باتت صحوة واحدة وموحدة وفق ما أسسه آخر الأنبياء والمرسلين في المدينة المنورة.
لقد وصل هؤلاء في الغرور والعنجهية أن يرفضوا أن يكون لأي دولة أو نظام علاقة طبيعية مع إيران موازية لتطبيع “إسرائيل”، بل يفرضوا وبالقوة العداء لإيران والتطبيع مع “إسرائيل” وفي آن واحد.
أقول للنظام السعودي ومن جرجر معه من الأنظمة إلى العمالة الوقحة لأمريكا و”إسرائيل” بأنه يعنيه المراجعة والتراجع عما سار فيه وسار إليه، ومن أجل صالحه ومصالحه وحاضره ومستقبله، وليس فقط من أجل قومية أو إسلام وهو من شوهها وأدماها ودمرها وحولها إلى مجرد أدوات في الألعاب والمسرحة الأمريكية العالمية.
الانتماء للقومية والانتماء هو انتماء عضوي تعاضدي، وهذا الانتماء العضوي التعاضدي هو في أقوى قوته وليس كما يقدم من خلال أنظمة منبطحة وخسيسة بكل إعلامها وألعابها. وللنظام السعودي وغيره أن يصدقوا أو لا يصدقوا ذلك إذا ظلوا لا يجيدون قراءة المستقبل من ملامح الحاضر، وهم بهذا إن لم يخسروا الحاضر فهم حتماً يسيرون إلى خسارة المستقبل، والزمن بيننا!

أترك تعليقاً

التعليقات